المدينة، ولدت بعد وقعة الحرة، من غير زوج (1)، وكان الناس يلبسون المصبوغ، من الثياب قبل الحرة. فلما قتل الناس بالحرة، استحيوا أن يفعلوا ذلك (2).
وهرب يوم الحرة إلى كهوف الجبال، العديد من الصحابة، منهم جابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري (3). وأنشد شاعر الأنصار فقال:
فإن تقتلونا يوم حرة وأقم * فنحن على الإسلام أول من قتل ونحن تركناكم ببدر أذلة * وأبنا بأسياف لنا منكم تفل (4).
وروي أن مسلم بن عقبة، أتي بعلي بن الحسين، فتبرأ منه ومن آبائه ثم أقعده وقال له: سلني حوائجك، فلم يسأله في أحد ممن قدم إلى السيف إلا شفعه فيه، ثم انصرف عنه. فقيل لعلي: رأيناك تحرك شفتيك، فما الذي قلت؟
قال: قلت: اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، والأرضين السبع وما أقللن، رب العرش العظيم، رب محمد وآله الطاهرين، أعوذ بك من شره، وأدرأ بك من نحره، أسألك أن تؤتيني خبره، وتكفيني شره. وقيل لمسلم بن عقبة: رأيناك تسب هذا الغلام وسلفه، فلما أتى رفعت منزلته. فقال: ما كان الرأي مني، لقد ملئ قلبي منه رعبا (5).
ولم تكن الكارثة في قتل أهل المدينة فقط، وإنما كانت الكارثة أيضا في أن الناس بايعوا يزيد على أنهم عبيد له (6). روى الطبري أن مسلم بن عقبة أتى بقرشيان، ومعهم ناس من أهل المدينة، فقال لهم: بايعوا فقال القرشيان:
نبايعك على كتاب الله وسنة نبيه. فقال: لا والله لا أقيلكم هذا أبدا، فقدمهما