قتل، فانفروا فنفروا ونهبوا سرادق الحسن عليه السلام، حتى نازعوه بساطا كان تحته (1). وتفرق الناس من حول الحسن بعد إذاعة بيان يقول أن قيسا قد قتل، وهذا باطل، ولم يقف الأمر بعد إذاعة البيان عند سرقة متاع الحسن. وإنما حدث ما لم يكن في الحسبان، فهناك من أشار بأسر الحسن وتقديمه إلى معاوية ليأخذوا من معاوية الأمان (2). وهناك من تقدم من الحسن وطعنه بالمعول فشق فخذه (3).
فهذا الهياج داخل المعسكر كان هدفه إحداث أكبر الخسائر في القيادة بواسطة الغوغاء، فالحسن كان الهدف. وأهل الشام لهم خبرات في دس العيون.
ولقد روي أن معاوية دس رجلا من حمير إلى الكوفة، ورجلا من بني القين إلى البصرة. وأمرهما أن يكتبا إليه أخبار الحسن (4) وليس ببعيد أن تكون هذه الإذاعة التي أدت إلى خروج الحسن جريحا من أرض المعركة من صنع هؤلاء.
وروى ابن أبي الحديد: أن الحسن عليه السلام حمل على سرير ودخل إلى المدائن، وبها سعيد بن مسعود واليا عليها من قبله، فأقام عنده يعالج جرحه (5)، وعندما جن الليل أرسل معاوية إلى القادة والجنود يخبرهم بأن الحسن راسله في الصلح وهو مسلم الأمر إليه. وأغراهم بالمال، فانسل بعضهم ليلا ودخلوا معسكر معاوية (6)، ولم يتبق داخل معسكر الحسن سوى قوات قيس بن سعد وبعض الصحابة والتابعين الذين انفض عنهم الناس، بينما على الجانب الآخر تقف قوات الشام التي كسبت معركة ليس بما يملكون من رجال وإنما بما يملكون من ذهب وفضة. ولم يظهر بريق الذهب فجأة، وإنما كانت له أرضية قديمة دق فيها أوتاده، وحول هذه الأوتاد لا تسمع صوتا ترتعش خوفا ويقول: