فأكذب... " (1).
فلما وصل كتاب الحسن إلى معاوية كتب إلى عماله "... إن الله بلطفه وحسن صنعه، أتاح لعلي بن أبي طالب رجلا من عباده، فاغتاله فقتله، فترك أصحابه متفرقين مختلفين، وقد جاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم. فأقبلوا إلى حين يأتيكم كتابي هذا بجهدكم وجندكم وحسن عدتكم. فقد أصبتم بحمد الله الثأر، وبلغتم الأمل، وأهلك الله أهل البغي والعدوان... " (2) فلما اجتمعت العساكر إلى معاوية سار بها قاصدا العراق. وبلغ الحسن خبره ومسيره نحوه. وأنه قد بلغ جسر منبج، فتحرك عند ذلك، وبعث حجر بن عدي، فأمر العمال والناس بالتهيؤ للمسير. ونادي المنادي: الصلاة جامعة.
فخرج الحسن رضي الله عنه، وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن الله كتب الجهاد على خلقه. وسماه كرها، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين: اصبروا إن الله مع الصابرين. فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون، بلغني أن معاوية بلغه أنا كنا أزمعنا على المسير إليه فتحرك لذلك، أخرجوا رحمكم الله إلى معسكركم بالنخيلة حتى ننظر وتنظروا.
ونرى وتروا (3).
وكان في كلامه يتخوف خذلان الناس له. وبعد أن تكلم لم يتكلم أحد من الناس ولا أجابه بحرف. فلما رأى ذلك عدي بن حاتم قام فقال: أنا ابن حاتم، سبحان الله، ما أقبح هذا المقام! ألا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيكم؟ أين خطباء مضر؟ أين المسلمون؟ أين الخواضون من أهل المصر الذين ألسنتهم كالمخاريق (4) في الدعة، فإذا جد الجد فرواغون كالثعالب؟ أما تخافون مقت الله