أواب حفيظ، ومن له قلب منيب. واتق الله ودع البغي، واحقن دماء المسلمين، فوالله ما لك خيرا في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه فيه. وادخل في السلم والطاعة، ولا تنازع الأمر أهله ومن هو أحق به منك ليطفئ الله النائرة (1) بذلك، ويجمع الكلمة، ويصلح ذات البين. وإن أنت أبيت إلا التمادي في غيك سرت إليك بالمسلمين فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين ". وأرسل الحسن هذه الرسالة مع حرب بن عبد الله الأزدي (2).
فكتب معاوية إليه ومما جاء في رسالته... ذكرت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وتنازع الأمر بعده، وتغلبهم على أبيك، فصرحت بتهمة أبي بكر وعمر الفاروق، وأبي عبيدة الأمين حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلحاء المهاجرين والأنصار. فكرهت ذلك لك. إنك امرؤ عندنا وعند الناس غير الظنين، ولا المسئ، ولا اللئيم وأنا أحب لك القول السديد، والذكر الجميل. إن هذه الأمة لما اختلفت بعد نبيها لم تجهل فضلكم ولا سابقتكم ولا قرابتكم من نبيكم، ولا مكانكم في الإسلام وأهله. فرأت الأمة أن تخرج من هذا الأمر لقريش لمكانها من نبيها، ورأى صلحاء الناس من قريش والأنصار وغيرهم من سائر الناس وعوامهم أن يولوا هذا الأمر من قريش أقدمها إسلاما، وأعلمها بالله وأحبها له وأقواها على أمر الله، فاختاروا أبا بكر، وكان ذلك رأي ذوي الدين والفضل والناظرين للأمة. فأوقع ذلك في صدوركم لهم التهمة، ولم يكونوا متهمين، ولا فيما أتوا بالمخطئين ولو رأى المسلمون أن فيكم من يغني غناءه ويقوم مقامه، ويذب عن حريم الإسلام ذبه، ما عدلوا بالأمر إلى غيره رغبة عنه، ولكنهم عملوا في ذلك بما رأوه صلاحا للإسلام وأهله، والله يجزيهم عن الإسلام وأهله خيرا. وقد فهمت الذي دعوتني إليه من الصلح، والحال فيما بيني وبينك اليوم، مثل الحال التي كنتم عليها أنتم وأبو بكر بعد وفاة النبي