قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي في المال "، فما بالك إذا كانت الأيدي التي تدفع المال هي نفسها فتنة حذر الرسول منها! لم يتبين الناس الفتنة التي تعطي فتنة، ولم يضعوا في اعتبارهم ماذا سيترتب على ذلك. والأهم من ذلك أنهم أحبوا ما نهوا عنه، وبغضوا وانفضوا عن ما أمروا به. ألم يقل النبي في الحسن والحسين " من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني " (1)؟!.
وروي أن الحسن عندما تماثل للشفاء كان يحث الناس كي يتصدوا لمعاوية، ومن خطب الحسن رضي الله عنه في بعض مقاماته أنه قال: " نحن حزب الله المفلحون وعترة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأقربون، وأهل بيته الطاهرون الطيبون، وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم والثاني كتاب الله فيه تفصيل كل شئ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والمعول عليه في كل شئ، لا يخطئنا تأويله، بل نتيقن حقائقه، فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة، إذ كانت بطاعة الله والرسول وأولي الأمر مقرونة... " فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول "، " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر لعلمه الذين يستنبطونه منهم " (2)، وأحذركم الاصغاء لهتاف الشيطان، إنه لكم عدو مبين، فتكونون كأوليائه قال لهم، " لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون " (3)، (4)، وظل صوت الحسن يدوي في أعماق السكون، في عالم لا نبض فيه ولا ومض ولا صوت.
وبدأ معاوية يتحسس الساحة من قريب ومن بعيد. وروي أنه بعث إلى الحسن بصحيفة بيضاء مختوم على أسفلها، وكتب إليه أن اشترط في هذه