وفي الختام نقول: لقد عمل التيار التخريبي على امتداد التاريخ لوقف حركة الأنبياء والرسل، ولكن كيدهم رد إلى نحورهم وخاب سعيهم وأصبحوا أحاديث. وعند الرسالة الخاتمة اجتمعت رايات الشذوذ التي تحمل بصمات الذين أصبحوا أحاديث، وأرادوا الكيد للدعوة، ولكن الله كشف خباياهم، وهتك سترهم وأخبر النبي بوقع أقدامهم في المستقبل كي يحذر أمته. فكان النبي يتكلم مع الرجل منهم في الوقت الذي يرى حقيقته في الآخرة، بمعنى: يقول له أحدهم يا رسول الله أين مدخلي؟ فيقول له النبي: النار فالنبي هنا يراه على صورتين، والصورة الأخيرة هي الحقيقة، وعلى هذا المثال، كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتحدث مع فطاحل بني أمية، وهو يراهم في صورة أخرى على منبره بعد وفاته، ثم يرى حقيقتهم في الآخرة. وفقا لهذا حذر النبي أشد التحذير من اليهود ومن النصارى، ومن المنافقين ومن الذين في قلوبهم مرض، ولقد بينا هذا في موضعه.
وبعد النبي صلى الله عليه وسلم اجتهد بني أمية، فكان العقد فيما بينهم، حتى أن أبي بن كعب كان يقول في عهد عمر: " هلك أهل العقد ورب الكعبة، هلك أهل العقد ورب الكعبة، والله ما آسي عليهم إنما آسي على من أهلكوا من المسلمين (1). ولقد ذكرنا فيما سبق أن أبي بن كعب عندما وعد الناس بأنه سيتكلم يوم الجمعة. ما جاء يوم الجمعة إلا وأبي بن كعب في عالم ما بعد الحياة الدنيا. ولا ندري أهي مصادفة أن يموت أبو بكر مسموما، وعمر مقتولا، ثم يأتي عثمان يضعه بني أمية على طريق القتل، ثم يأتي أمير المؤمنين علي فيقاتله معاوية، ثم يقتل أمير المؤمنين. ولقد اتهم أبو الأسود الدؤلي معاوية بهذا القتل عندما قال:
ألا أبلغ معاوية بن حرب * فلا قرت عيون الشامتينا أفي شهر الصيام فجعتمونا * بخير الناس طر أجمعينا