معالم الفتن - سعيد أيوب - ج ٢ - الصفحة ١٨٥
ستخرج بلا خوف من سيوف وقيود. وبعد أن استمع، تحرك ركبه إلى المدينة.
وروي أنه لما قدم المدينة، تلقته رجال من وجوه قريش فقالوا: الحمد لله الذي أعز نصرك، وأعلا أمرك، فما رد عليهم جوابا حتى دخل المدينة. فقصد المسجد ثم قال: أما بعد فإني والله ما وليت أمركم حين وليته وأنا أعلم أنكم لا تسرون بولايتي ولا تحبونها، وإني لعالم بما في نفوسكم من ذلك، ولكني خالستكم بسيفي هذا مخالسة، ولقد رمت نفسي على عمل ابن أبي قحافة، فلم أجدها تقوم بذلك ولا تقدر عليه. وأردتها على عمل ابن الخطاب، فكانت أشد نفورا وأعظم هربا من ذلك. وحاولتها على مثل سنيات عثمان فأبت علي. وأين مثل هؤلاء؟ ومن يقدر على أعمالهم؟ هيهات أن يدرك فضلهم أحد ممن بعدهم. غير أني سلكت بها طريقا لي فيه منفعة، ولكم فيه مثل ذلك، ولكن فيه مواكلة حسنة، ما استقامت السيرة وحسنت الطاعة. فإن لم تجدوني خيركم فأنا خير لكم. والله لا أحمل السيف على من لا سيف معه، ومهما تقدم مما قد علمتموه فقد جعلته دبر أذني، وإن لم تجدوني أقوم بحقكم كله فارضوا مني ببعضه... وإياكم والفتنة فلا تهموا بها... (1).
وأهم معالم الخطاب أن لكل خليفة طريقة، وبما أن معاوية لا يدرك فضل الذين سبقوه رضوان الله عليهم، فإنه ستكون له سنة خاصة به فيها منفعة له ولهم. وفي جميع الأحوال فهو قد وضع نفسه في دائرة الخير " فإن لم تجدوني خيركم فأنا خير لكم "، وفي جميع الأحوال فهو في دائرة الحق " وإن لم تجدوني أقوم بحقكم كله فارضوا مني ببعضه "، وفي جميع الأحوال فإن هذا هو الدين الذين نزل به جبريل الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم.
وروي أن معاوية لقي أبا قتادة الأنصاري في المدينة فقال له: تلقاني الناس كلهم غيركم يا معشر الأنصار. فقال: لم يكن لنا دواب. قال: فأين النواضح؟
فقال: عقرناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر. ثم قال: إن النبي صلى الله عليه

(١) البداية والنهاية 132 / 8.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 معارك الامام أولا - يوم الجمل 1 - الناكثون في البصرة 7
2 2 - مسير الإمام علي 12
3 3 - على أعتاب الحرب 22
4 4 - الحرب 28
5 ثانيا - أيام صفين 1 - إقامة الحجة 42
6 2 - معاوية وسياسة التشكيك 45
7 3 - الاعلام العلوي 59
8 4 - الاصطفاف للقتال 70
9 القتال 76
10 6 - مشاهد من ميدان القتال 85
11 7 - عندما اتخذوا المصاحف جدارا 100
12 ثالثا - التخاذل وغياب القمر 1 - خيمة التحكيم 112
13 2 - قتال المارقين 120
14 3 - التخاذل 128
15 4 - غارات معاوية 140
16 5 - ليلة بكى فيها القمر 145
17 6 - وغاب القمر 149
18 7 - لهيب الليل 155
19 جداول الدماء أولا - عاصفة الأمطار الحمضية 1 - بيعة الحسن بن علي 167
20 2 - القتال بالذهب والفضة 171
21 3 - الغدر 177
22 4 - وفاء وحقائق على الطريق 181
23 5 - نظرات في مقعد جديد 189
24 6 - اتهام الأمين 191
25 7 - إئتمان الخائن 204
26 ثانيا - دماء حول كهف النفاق 1 - قلوب من نحاس 218
27 2 - مقتل حجر بن عدي 220
28 3 - هل رأيت آية النار 226
29 4 - مقتل أبي عبد الله الحسين 231
30 أولا - وجاء وفد أغيلمة قريش 231
31 ثانيا - أبناؤنا خير من أبنائهم 236
32 ثالث - النبي صلى الله عليه وسلم يبكي 242
33 رابعا - على مفترق الطريق 251
34 خامسا - الرسائل والحصار 256
35 سادسا - العزيمة والاصرار 260
36 سابعا - التخويف والإرهاب 263
37 ثامنا - صمود على الطريق 270
38 تاسعا - وجاء الطغاة 279
39 عاشرا - القتلة واللصوص 287
40 إحدى عشر - سلام عليك أبا عبد الله 295
41 1 - صرخات الحسين 296
42 2 - والله إنه ليحزنني قتل الحسين 298
43 اثنى عشر - بكاء وأحداث: في دار أم سلمة رضي الله عنها 301
44 في دار عبد الله بن عباس 302
45 في قصر الامارة 303
46 في قصر الخلافة 306
47 الظهور والتشويه 309
48 نظرات على كربلاء 313
49 5 - الاستعباد 314
50 أولا - يوم الحرة أو يوم الأنصار 315
51 ثانيا - الوحل 323
52 1 - حركة عبد الله بن عمر بن الخطاب 335
53 2 - حركة أنس بن مالك 339
54 ما أشبه الليلة بالبارحة أولا - رياح الفرعونية 1 - تشابه القلوب 358
55 2 - دائرة الرؤية الفرعونية 362
56 نظرات على الأطلال أ - صدود وردود 379
57 ب - إفرازات فكرية 388
58 ج - من مقدمات الإفرازات الفكرية 416
59 ثانيا - آراء وشهود 1 - آراء 440
60 2 - الشهود 459