وعندما بلغه أن سرايا معاوية تقتل شيعته ويعرضون النساء المسلمات في الأسواق. خطب الناس فقال: أيها الناس. إني قد بثثت لكم المواعظ (1) التي وعظ بها الأنبياء أممهم، وأديت إليكم ما أدت الأوصياء (2) إلى من بعدهم، وأدبتكم بسوطي فلم تستقيموا. وحدوتكم (3) بالزواجر فلم تستوسقوا (4)، لله أنتم. أتتوقعون إماما غيري يطأ بكم الطريق (5)، ويرشدكم السبيل؟ ألا إنه قد أدبر من الدنيا ما كان مقبلا، وأقبل منها ما كان مدبرا. وأزمع الترحال عباد الله الأخيار، وباعوا قليلا من الدنيا لا يبقى بكثير من الآخرة لا يفنى.
ما ضر إخواننا الذين سفكت دماؤهم بصفين ألا يكونوا اليوم أحياء، يسيغون الغصص، ويشربون الرنق. قد والله لقوا الله فوفاهم أجورهم، وأحلهم دار الأمن بعد خوفهم، أين إخواني الذين ركبوا الطريق، ومضوا على الحق؟ أين عمار؟ وأين ابن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم (6) الذين تعاقدوا على المنية (7) وأبرد برؤوسهم إلى الفجرة؟ (8).
قال راوي الحديث: ثم ضرب عليه السلام بيده على لحيته الشريفة الكريمة. فأطال البكاء، ثم قال: أوه على إخواني الذين قرأوا القرآن فأحكموه، وتدبروا الفرض فأقاموه! أحيوا السنة وأماتوا البدعة. دعوا إلى الجهاد فأجابوا، ووثقوا بالقائد فاتبعوه (9). ثم نادى بأعلى صوته: الجهاد الجهاد عباد الله. ألا