استقبله الجايستار، وهو المكلف من قبل معاوية بقتله، وقال للأشتر: هذا منزل وهذا طعام وعلف وأنا رجل من أهل الخراج، فنزل به الأشتر فجاء الرجل إليه بطعام حتى إذا طعم آتاه بشرية من عسل قد جعل فيها سما. فسقاه إياها فلما شربها مات (1).
ولم يخطط معاوية للجريمة فقط بل استثمرها، فقال لأهل الشام: إن عليا وجه الأشتر إلى مصر، فادعوا الله أن يكفيكموه، فكانوا كل يوم يدعون الله على الأشتر. وعندما جاء الذي سقاه إلى معاوية وأخبره بمهلك الأشتر خطب معاوية وقال: أما بعد فإنه كانت لعلي بن أبي طالب يدان يمينان، قطعت إحداهما يوم صفين - يعني عمار بن ياسر - وقطعت الأخرى اليوم - يعني الأشتر (2). وبعد ذلك بعث معاوية عمرو بن العاص، وكان قد صالحه على أن تكون مصر طعمة له ما بقي، بعثه إلى مصر للاستيلاء عليها. وعندما نزل مصر اجتمعت إليه العثمانية من أهلها، وقاومهم محمد بن أبي بكر بمن معه، ولكن أهل الشام حاصروا قوات محمد بن أبي بكر، وخرج محمد يمشي في الطريق حتى انتهى إلى مكان في ناحية الطريق. وظل معاوية بن خديج يبحث عن ابن أبي بكر حتى وجده، فقال له: لأقتلنك يا ابن أبي بكر، فقال: يا ابن اليهودية النساجة ليس ذلك إليك إنما ذلك إلى الله عز وجل، أما والله لو كان سيفي في يدي ما بلغتم مني هذا. فقال له معاوية بن خديج: أتدري ما أصنع بك. أدخلك في جوف حمار ثم أحرقه عليك بالنار. فقال محمد: إن فعلتم بي ذلك فطال ما فعل ذلك بأولياء الله... فقتله ثم ألقاه في جيفة حمار ثم أحرقه بالنار (3). وقال المسعودي: فأخذه معاوية بن خديج وعمرو بن العاص وغيرهما فجعلوه في جلد حمار، وأضرموه بالنار، وذلك بموضع في مصر يقال له: كوم شريك. وقيل:
إنه فعل به ذلك، وبه شئ من الحياة (4). وبلغ معاوية قتل محمد وأصحابه،