وتناسوها، وعاقبوا كل من يفكر في اللجوء إليها، تذكرت عظمة العقيدة الإسلامية في نفس صاحبي، وقلت: يا ليت القوم كانت عندهم مثل هذه الخليقة، وهي بحث المسيحية في مجامعهم بروح الحيدة العلمية التي تؤرق أفكار أصحاب الضمير الحي الذي لا يريد أن يرتكب خطأ، ولو شبه خطأ قد يحسب أنه انحراف عن منهج العمل الثقافي الأمين.
وإلى جوار ذلك خطر لي البعد الذي نفذه علماء أوربا الذين ينادون بالحيدة العلمية عند البحث، والجرائم العلمية التي ارتكبها شيخ المستشرقين جولد تسهير.
ذلك أن علماء أوربا أطلقوا أغنية تسمى الحيدة العلمية، وغرضهم من ذلك أن يخدعوا الشباب المسلم ليتحلل من دينه - ولو بعضا من الوقت - كتمرين لهم على التعود على خلع ثياب الدين، ولكنهم - أعني علماء أوربا - عندما يبحثون لا يبحثون بروح علمية عادية، تحاول أن تتعرف إلى الحق، ولكنهم يبحثون بروح متلصصة كاذبة. ويحرفون النصوص ليصلوا منها لتحقيق مآربهم من هدم قواعد الإسلام. ومثال ذلك: جولد تسهير، في كتاب له عن القرآن ومذاهب التفسير، ينقل نصا يستشهد به على أن السنة الإسلامية قد وضع أكثرها في عصر النضوج فيقول: (ما يروى عن وكيع قال: عن زياد بن عبد الله، أنه مع شرفه كان كذوبا). ومع أن التركيب العربي لا يمكن أن يقبل هذه الرواية: لأن الشرف كمال خلق الرجل، والكذب رأس الرذائل كلها لأنه يهدي إلى الفجور، الذي يهدي إلى النار، مع هذا فإن النص الذي رواه العلماء، وحققه فضيلة الأستاذ المرحوم الدكتور مصطفى السباعي في كتابه: (السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي) قال وكيع: (وهو - أي زياد بن عبد الله - أشرف من أن يكذب).
ولكن الخيانة العلمية، أو الحيدة العلمية لجولد تسهير هي تحريف النص كذبا ليصل إلى إفكه ودعواه.