بعدهما... وقد روى ولي الله الدهلوي نفسه هذين القولين عنها كذلك في نفس كتاب (قرة العينين) وهذا لفظه: " قيل لها: أي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان أحب إليه؟ قالت: أبو بكر. قيل: ثم من؟ قالت: عمر. قيل:
ثم من؟ قال: أبو عبيدة. أخرجه الترمذي وابن ماجة ".
" سئلت: من كان رسول الله مستخلفا لو استخلف؟ قالت: أبو بكر. فقيل لها: ثم من بعد أبي بكر؟ قالت: عمر. ثم قيل لها: من بعد عمر؟ قالت أبو عبيدة ابن الجراح. ثم انتهت إلى هذا. أخرجه البخاري ومسلم ".
لكن هذين القولين باطلان بالضرورة، لأن الذي بعد الشيخين - بناء على مذهب أهل السنة في التفضيل - إما عثمان وإما أمير المؤمنين عليه السلام، فلا مناص من تكذيب أو تخطئة ما رووا عن عائشة في هذا الباب.
ورابعا: إن إقرار العقلاء على أنفسهم مقبول وعلى غيرهم مردود. فقول عائشة في حق غير علي وفاطمة عليهما السلام في مقابلة قولها لجميع بن عمير غير مقبول.
وخامسا: إنه بقطع النظر عما ذكر، فإن ما تقوله عائشة في فضل أبيها غير مقبول لدى العقلاء، لكونها بلا ريب متهمة في هذا الباب، بخلاف قولها في أحبية أمير المؤمنين عليه السلام، فإنه لا احتمال لأن تكون كاذبة فيه.
وسادسا: إنه لا ريب في أن عائشة تحب أباها أبا بكر بخلاف مولانا أمير المؤمنين عليه السلام الذي بلغت عداوتها له الحد الأقصى، فكيف يعبأ عاقل بقولها في حق محبوبها في مقابلة قولها في حق المبغوض عندها؟
وسابعا: إن ما رووه عنها في حق أبيها خبر واحد، وما رووه عنها في باب أمير المؤمنين عليه السلام مستفيض، والواحد لا يقابل الكثير المستفيض.
وثامنا: إن كلماتها المنقولة عنها في حق أمير المؤمنين عليه السلام أقوى دلالة مما قالته في حق أبي بكر، فمن ذلك قولها: " ما خلق الله خلقا أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من علي بن أبي طالب " وقولها: " والله