عن حميد، عن أنس قال قيل: يا رسول الله، من أحب الناس إليك؟ قال:
عائشة. قيل: من الرجال؟ قال: أبوها. هذا حديث حسن [صحيح] غريب من هذا الوجه من حديث أنس " (1).
وأما أن رواية " حميد عن أنس " لا تقبل إلا إذا قال حميد " حدثنا أنس " فقد نص عليه ابن حجر بترجمته بقوله: " قال أبو بكر البرديجي: وأما حديث حميد، فلا نحتج منه إلا بما قال: حدثنا أنس " (2).
وبالجملة: فإن حديث أنس - كحديث عمرو بن العاص - لا يجوز الاحتجاج به وإن حكم الترمذي بحسنه وصحته، لكنه مع ذلك حكم بغرابته... على أنه حديث اتفق الشيخان على الإعراض عنه.
وإذ لا حديث معتبر محتج به مشتمل على إطلاق " الأحب " مطلقا على غير سيدنا أمير المؤمنين عليه السلام، كان حديث الطير بلا معارض، حتى يحتاج إلى ما ذكره من وجه لرفع المعارضة.
هذا، وعلى فرض وجود لفظ " الأحب " على الإطلاق في حق كثير من الصحابة في الأخبار المتناقضة المتكاذبة عند أهل السنة، فأي ملزم للإمامية لأن يتكلفوا ويتجشموا التأويلات المخترعة لأجل رفع التعارض بين تلك الأحاديث وبين حديث الطير، مع أن تلك الأحاديث ليست من أحاديثهم؟ إنه لا عليهم إلا التمسك بالأحاديث الدالة على أحبية أمير المؤمنين عليه السلام، وطرح غيرها من الأحاديث حتى ولو كانت في أعلى درجات الصحة عند أهل السنة؟!
على أنه لو كان على الشيعة جمع الأخبار المتعارضة الواردة عند أهل السنة في هذا الباب، فلا موجب لتجشم الجمع بين ما رووه في حق الشيوخ