وهي فيه أتم وأكمل من الصحابة.
أما العلم: فلأنه ذكر في خطبه من أسرار التوحيد والعدل والنبوة والقضاء والقدر وأحوال المعاد ما لم يوجد في الكلام لأحد من الصحابة، وجميع الفرق ينتهي نسبتهم في علم الأصول إليه، فإن المعتزلة ينسبون أنفسهم إليه، والأشعري أيضا منتسب إليه، لأنه كان تلميذ الجبائي المنتسب إلى علي، وانتساب الشيعة بين، الخوارج - مع كونهم أبعد الناس عنه - أكابرهم تلامذته، وابن عباس رئيس المفسرين كان تلميذا له. وعلم منه تفسير كثير من المواضع التي تتعلق بعلوم دقيقة مثل: الحكمة والحساب والشعر والنجوم والرمل وأسرار الغيب، وكان في علم الفقه والفصاحة في الدرجة العليا، وعلم النحو منه وأرشد أبا الأسود الدؤلي إليه، وكان عالما بعلم السلوك وتصفية الباطن الذي لا يعرفه إلا الأنبياء والأولياء، حتى أخذه جميع المشايخ منه أو من أولاده أو من تلامذتهم، وروي أنه قال: لو كسرت الوسادة ثم جلست عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم، والله ما من آية نزلت في بر أو بحر أو سهل أو جبل أو سماء أو أرض أو ليل أو نهار إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وفي أي شئ نزلت.
وروي أنه قال: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا. وقال صلى الله عليه وسلم: أقضاكم علي. والقضاء يحتاج إلى جميع العلوم.
وأما الزهد: فلما علم منه بالتواتر من ترك اللذات الدنياوية والاحتراز عن المحظورات من أول العمر إلى آخره مع القدرة، وكان زهاد الصحابة: كأبي ذر وسلمان الفارسي وأبي الدرداء تلامذته.
وأما الشجاعة، فغنية عن الشرح، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم:
لا فتى إلا علي لا سيف إلا ذو الفقار. وقال صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب:
لضربة علي خير من عبادة الثقلين.
وكذا السخاء: فإنه بلغ فيها الدرجة القصوى، حتى أعطى ثلاثة أقراص