حاضرا يسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم قبل مجئ علي. فبعد ذلك جاء أنس إلى علي فقال: استغفر لي ولك عندي بشارة، ففعل، فأخبره بقول النبي صلى الله عليه وسلم.
إيقاظ وتنبيه: إعلم - أيدك الله بروح منه - أن أخبار النبي صلى الله عليه وسلم صدق وأقواله حق، فإذا أخبر عن شئ فهو محقق لا يرتاب في صحته ذوو الإيمان ولا أحد من المهتدين، فكان صلوات الله عليه قد اطلع بنور النبوة على أن عليا ممن يحبه الله تعالى، وأراد أن يتحقق الناس ثبوت هذه المنقبة السنية والصفة العلية التي هي أعلى درجات المتقين لعلي، وكان بين الصحابة يومئذ منهم حديثو عهد بالإسلام، ومنهم سماعون لأهل الكتاب، ومن فيهم شئ من نفاق، فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يثبت ذلك لعلي في نفوس الجميع فلا يتوقف فيه أحد. فقرن صلى الله عليه وسلم في خبره بثبوت هذه الصفة - وهي المحبة الموصوفة من الجانبين لعلي، التي هي صفة معينة معنوية لا تدرك بالعيان - بصفة محسوسة تدرك بالأبصار أثبتها له وهي فتح خيبر على يديه، فجمع قوله صلى الله عليه وسلم في وصف علي بين المحبة والفتح، بحيث يظهر لكل ناظر صورة الفتح ويدركه بحاسته، فلا يبقى عنده توقف في ثبوت الصفة الأخرى المقترنة بهذه الصفة المحسوسة، فيترسخ في نفوس الجميع ثبوت هذه الصفة الشريفة العظيمة لعلي.
وهكذا في حديث الطير، جعل إتيانه وأكله معه - وهو أمر محسوس مرئي - مثبتا عند كل أحد من علمه أن عليا متصف بهذه الصفة العظيمة، وزيادة الأحبية على أصل المحبة. وفي ذلك دلالة واضحة على علو مكانة علي وارتفاع درجته وسمو منزلته، واتصافه بكون الله تعالى يحبه وأنه أحب خلقه إليه.
وكانت حقيقة هذه المحبة قد ظهرت عليه آثارها وانتشرت لديه أنوارها، فإنه كان قد أزلفه الله تعالى في مقر التقديس، فإنه نقل الترمذي في صحيحه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليا يوم الطائف فانتجاه فقال الناس: