وقوله: " وليس في ذلك زيادة قربة لعند الله... " خطأ فاحش وسوء أدب، نفيه ترتب المصلحة عليه خطأ أفحش... لأن تخصيص رجل بالمؤاكلة - التي هي شرف عظيم - وطلب حضوره مرة بعد أخرى، ورد غيره، دليل واضح على فضل ذلك الرجل، وفي هذا مصلحة عظيمة من مصالح الدين.
ولو تنزلنا عن كل هذا وسلمنا قوله: بأن أكل الطير ليس فيه أمر عظيم يناسب أن يجئ أحب الخلق إلى الله ليأكل معه، وليس فيه زيادة قربة، لا معونة على مصلحة ومع أن طلبه صلى الله عليه وسلم ذلك لأحب الخلق لم يكن محرما ولا مكروها، ليكون شاهدا على كون الحديث موضوعا... نعم لو تنزلنا وسلمنا ما ذكره، فهل كان ابن تيمية يقول هذا لو كان هذا الحديث في حق أحد الشيخين أو الشيوخ، وهل كان يقدح فيه بمثل هذه الوجوه؟ لا والله، بل كانوا يجعلون هذا من أعظم مفاخره وأكبر مآثره؟! ولقالوا: إن مجرد المؤاكلة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فضل عظيم، فكيف بامتناعه صلى الله عليه وآله وسلم عن مؤاكلة الغير معه، وإرادته هذا الشخص بالخصوص لذلك؟
وعلى الجملة، فإن التعصب والعناد هو الباعث لمثل ابن تيمية على الطعن والقدح في هذا الحديث الشريف، بمثل هذه الشبهات الركيكة والوساوس السخيفة.
ثم إنه قد جاء في روايات الإمامية أن الطير كان من الجنة نزل به جبرئيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا الأساس أيضا تبطل شبهة ابن تيمية وتندفع، لأن أكل طعام الجنة أمر عظيم يناسب أن يجئ أحب الخلق إلى الله ليأكل منه معه صلى الله عليه وآله وسلم، ومن الواضح جدا أن في أكل طعام الجنة زيادة قربة، وأن الله لم يقسم الأكل منه للبر والفاجر، بل إن أهل الحق على أن الأكل من طعام الجنة دليل على العصمة والطهارة... قال العلامة المجلسي طاب ثراه: