تخرجت في علم الحديث، إلا أن الحق أحق أن يتبع، ويجب علي تبيين الحق، فأقول... " (1).
وقال السبكي - بترجمة إمام الحرمين الجويني، بعد كلام عبد الغافر الفارسي -:
" إنتهى كلام عبد الغافر، وقد ساقه بكماله الحافظ ابن عساكر، في كتاب التبيين. وأما شيخنا الذهبي - غفر الله له - فإنه حار كيف يصنع في ترجمة هذا الإمام، الذي هو من محاسن هذه الأمة المحمدية، وكيف يمزقها، فقرطم ما أمكنه، ثم قال: وقد ذكره عبد الغافر وأسهب وأطنب... فيقال له:
هلا زينت كتابك بها، وطرزته بمحاسنها، فإنها أولى من خرافات تحكيها لأقوام لا يعبأ الله بهم...
وقد حكى شيخنا الذهبي كسر المنبر والأقلام والمحابر، وأنهم أقاموا على ذلك حولا، ثم قال: وهذا من فعل الجاهلية والأعاجم، لا من فعل أهل السنة والأتباع.
قلت: وقد حار هذا الرجل ما الذي يؤذي به هذا الإمام، وهذا لم يفعله الإمام، ولا أوصى به بأن يفعل، حتى يكون غضا منه، وإنما حكاه الحاكون إظهارا لعظمة الإمام عند أهل عصره، وأنه حصل لأهل العلم - على كثرتهم، فقد كانوا نحو أربعمائة تلميذ - ما لم يتمالكوا معه الصبر، بل أداهم إلى هذا الفعل، ولا يخفى أنه لو لم تكن المصيبة عندهم بالغة أقصى الغايات لما وقعوا في ذلك. وفي هذا أوضح دلالة لمن وفقه الله على حال هذا الإمام - رضي الله عنه - وكيف كان شأنه بين أهل العلم في ذلك العصر المشحون بالعلماء والزهاد " (2).