متحر، وأعنى بغضبه وقت ترجمته لواحد من علماء المذاهب الثلاثة المشهورين من الحنفية والمالكية والشافعية، فإني أعتقد أن الرجل كان إذا مد القلم لترجمة أحدهم غضب غضبا مفرطا، ثم قرطم الكلام ومزقه وفعل من التعصب ما لا يخفى على ذي بصيرة.
ثم هو مع ذلك غير خبير بمدلولات الألفاظ كما ينبغي، فربما ذكر لفظة من الذم لو عقل معناها لما نطق بها، ودائما أتعجب من ذكره الإمام فخر الدين الرازي في كتاب (الميزان) وفي (الضعفاء). وكذلك السيف الآمدي وأقول:
يا لله العجب، هذان لا رواية لهما، ولا جرحهما أحد، ولا سمع عن أحد أنه ضعفهما في ما ينقلانه من علومها، فأي مدخل لهما في هذين الكتابين. ثم إنا لم نسمع أحدا سمى الإمام فخر الدين بالفخر، بل إما الإمام وإما ابن الخطيب، وإذا ترجم كان في المحمدين، فجعله في حرف الفاء وسماه الفخر، ثم حلف في آخر الكتاب أنه لم يتعمد فيه هوى نفس، فأي هوى نفس أعظم من هذا؟ فإما أن يكون ورى في يمينه، أو استثنى غير الرواة. فيقال له: فلم ذكرت غيرهم. وإما أن يكون اعتقد أن هذا ليس هوى نفس، وإذا وصل إلى هذا الحد - والعياذ بالله - فهو مطبوع على قلبه " (1).
وقال السبكي بترجمة أحمد بن صالح:
" قاعدة في المؤرخين نافعة جدا، فإن أهل التاريخ قد وضعوا من أناس أو رفعوا أناسا، إما لتعصب، أو لجهل، أو لمجرد اعتماد على من لا يوثق به أو غير ذلك من الأسباب. والجهل في المؤرخين أكثر منه في أهل الجرح والتعديل. وكذلك التعصب قل أن رأيت تاريخا خاليا من ذلك.
وأما تاريخ شيخنا الذهبي - غفر الله له - فإنه على جمعه وحسنه، مشحون بالتعصب المفرط، لا واخذه الله، فلقد أكثر الوقيعة في أهل الدين، أعني