وقال الغزالي في (الرسالة اللدنية): " إعلم أن العلم هو تصور النفس الناطقة المطمئنة حقائق الأشياء وصورها المجردة عن المواد بأعيانها وكيفياتها وكمياتها وجواهرها وذواتها إن كانت مفردة وإن كانت مركبة، فالعالم هو المحيط المدرك المتصور، والمعلوم هو ذات الشئ الذي ينتقش علمه في النفس، وشرف العلم بقدر شرف معلومه ورتبة العالم بحسب رتبه العلم.
ولا شك أن أفضل المعلومات وأعلاها وأشرفها وأجلها هو الله تعالى الصانع المبدع الحق الواحد، فعلمه - وهو علم التوحيد - أفضل العلوم وأجلها وأكملها، وهذا العلم الضروري واجب تحصيله على جميع العقلاء، كما قال صاحب الشرع عليه الصلاة والسلام: طلب العلم فريضة على كل مسلم، وأمر بالسفر في طلب العلم فقال: أطلبوا العلم ولو بالصين.
وعالم هذا العلم أفضل العلماء، وبهذا السبب خصهم الله تعالى بالذكر في أجل المراتب، فقال: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم) فعلماء التوحيد لا بإطلاق هم الأنبياء، وبعدهم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، وهذا العلم وإن كان شريفا في ذاته كاملا بنفسه لا ينفي سائر العلوم، بل لا يحصل إلا بمقدمات كثيرة، وتلك المقدمات لا تنتظم إلا عن علوم شتى، مثل علم السماوات والأفلاك وجميع علوم المصنوعات، ويتولد عن علم التوحيد علوم أخر كما سنذكرها بأقسامها في مواضعها " وقد ذكر الغزالي في الباب الأول من كتاب العلم من كتاب (إحياء علوم الدين) فضل العلم والتعليم والتعلم وشواهده من النقل والعقل.. وبحث حول ذلك بالتفصيل (1).
وقال الفخر الرازي في تفسيره:
" واعلم أنه يدل على فضيلة العلم: الكتاب والسنة والمعقول، أما الكتاب فوجوه: