وإذا عرفت هذا عرفت أنه قد خص الله الوصي عليه السلام بهذه الفضيلة العجيبة، وتوه شأنه، إذ جعله باب أشرف ما في الكون وهو العلم، وأن منه يستمد ذلك منه أراده، ثم إنه باب لأشرف العلوم وهي العلوم النبوية، ثم لأجمع خلف الله علما وهو سيد رسله صلى الله عليه وسلم، وإن هذا الشرف يتضاءل عنه كل شرف، ويطأطئ رأسه تعظيما له كل من سلف وخلف، وكما خصه باب مدينة العلم فاض عنه منها ما يأتيك من دلائل ذلك قريبا ".
4 - دلالته على أن الإمام حافظ العلم ويدل حديث مدينة العلم على أن أمير المؤمنين عليه السلام حافظ علوم رسول الله صلى الله عليه وآله، وهذا المعنى بوحده دليل على أفضليته عليه السلام من سائر الأصحاب، وهو المطلوب في هذا الباب.
ولقد صرح بما ذكرنا كمال الدين ابن طلحة حيث قال في ذكر شواهد علم الإمام وفضله:
" ومن ذلك ما رواه الإمام الترمذي في صحيحه بسنده، وقد تقدم ذكره في الاستشهاد في صفة أمير المؤمنين بالأنزع البطين: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، ونقل الإمام أبو محمد الحسين بن مسعود القاضي البغوي في كتابه الموسوم بالمصابيح: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها، لكنه صلى الله عليه وسلم خص العلم بالمدينة والدار بالحكمة، لما كان العلم أوسع أنواعا وأبسط فنونا وأكثر شعبا وأغزر فائدة وأعم نفعا من الحكمة خصص الأعم بالأكبر والأخص بالأصغر.
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إشارة إلى كون علي عليه السلام نازلا من العلم والحكمة منزلة الباب من المدينة والباب من الدار، لكون الباب حافظا لما هو داخل المدينة وداخل الدار من تطرق الضياع واعتداء يد الذهاب