عاصيا كالسارق والمتسور، لأن السارق والمتسور إذا دخلا من غير الباب المأمور بها ووصلا إلى بغيتهما كانا عاصيين، وقوله عليه السلام: " فمن أراد العلم فليأت الباب " ليس المراد به التخيير، بل المراد به الايجاب والتهديد كقوله عز وجل (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) والدليل على ذلك: أنه ليس ههنا نبي غير محمد صلى الله عليه وآله هو مدينة العلم ودار الحكمة، فيكون العالم مخيرا بين الأخذ من أحدهما دون الآخر. وفقد ذلك دليل على إيجابه وأنه فرض لازم.
والحمد لله ".
وقال: ثم لا يخفى على أولي الألباب أن المراد بالباب في هذه الأخبار الكناية عن الحافظ للشئ الذي لا يشذ عنه منه شئ ولا يخرج إلا منه ولا يدخل عليه إلا به، وإذا ثبت أنه عليه السلام الحافظ لعلوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحكمته، وثبت أمر الله تعالى ورسوله بالتوصل به إلى العلم والحكمة وجب اتباعه والأخذ عنه، وهذا حقيقة معنى الإمام كما لا يخفى على ذوي الأفهام ".
6 - دلالته على أن الإمام أول من يقاتل أهل البغي ومما يدل عليه حديث مدينة العلم ما ذكره الكنجي من أن أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام أول من يقاتل أهل البغي بعد رسول الله صلى عليه وآله وسلم. وهذا الوجه أيضا يقتضي أفضلية الإمام عليه السلام من سائر الأصحاب، وصحة الاستدلال به على مطلوب أهل الحق.. وهذا نص كلام الحافظ الكنجي:
" قلت - والله أعلم -: إن وجه هذا عندي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، أراد صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى علمني العلم وأمرني بدعاء الخلق إلى الاقرار بوحدانيته في أول النبوة، حتى مضى شطر زمان الرسالة على ذلك، ثم أمرني الله بمحاربة من أبى الاقرار لله عز وجل