وهكذا قال بتفسير الآيات المذكورة كل من النيسابوري في تفسيره (غرائب القرآن) والبيضاوي في (تفسيره: 140) والخطيب الشربيني في (السراج المنير 1 / 48) وغيرهم من مشاهير المفسرين.
المشابهة بين علي وآدم عليهما السلام ومن لطائف المقام أن العاصمي ذكر - لإثبات المشابهة بين أمير المؤمنين وآدم عليهما السلام في العلم والحكمة أنه كما أن آدم فضل على جميع الملائكة بالعلم - وهو أفضل الخصال - فكذلك سيدنا أمير المؤمنين عليه السلام فضل على جميع الأمة بالعلم والحكمة - ما خلا الخلفاء الماضين -.
إلا أنه باستدلاله على هذا الطلب بحديث: " يا علي ملئت علما وحكمة "، وبحديث: " أنا مدينة العلم وعلي بابها " قد أبطل - من حيث لا يشعر - استثنائه الخلفاء الثلاثة، وأيد استدلال أهل الحق بحديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " على أفضلية الإمام عليه السلام - عن طريق الأعلمية - عن جميع الخلائق سوى أخيه وصنوه صلى الله عليه وآله.
وهذا نص كلامه في (زين الفتى): " وأما العلم والحكمة، فإن الله تعالى قال لآدم عليه السلام (وعلم آدم الأسماء كلها) ففضل بالعلم العباد الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون واستحق بذلك منهم السجود له، فكما لا يصير العلم جهلا والعالم جاهلا فكذلك لم يصر آدم المفضل بالعلم مفضولا، وكذلك حال من فضل بالعلم فأما من فضل بالعبادة فربما يصير مفضولا، لأن العابد ربما يسقط عن درجة العبادة إن تركها معرضا عنها، أو يتوانى تغافلا عنها فيسقط فضله، ولذلك قيل: بالعلم يعلو ولا يعلى، والعالم يزار ولا يزور ومن ذلك وجوب وصف الله سبحانه بالعلم والعالم، وفساد الوصف له بالعبادة والعابد، ولذلك من على نبيه عليه السلام بقوله: (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان