فإن قيل: إن عمر وإن كتب إلى أبي عبيدة بأمارة الجيوش وعزل خالد عنها، لكنه لم يعلم أبا عبيدة سبب عزل خالد وهو ارتكابه القبائح وصدور الفسوق منه، وإلا لما توانى أبو عبيدة في إطاعة الأمر وامتثاله.
قلنا: إن هذا أيضا لا يكون عذرا لأبي عبيدة كذلك.
أما أولا فلأن التفريط في أوامر الخليفة والتأخير في امتثالها - ولا سيما مثل هذا الأمر - غير جائز، والجهل بسبب النصب والعزل لا يجوز ذلك.
وأما ثانيا فلأن عمر قد أعلم أبا عبيدة بسبب عزل خالد كما في (الطبري) و (الكامل) و (مرآة الزمان) و (تاريخ ابن كثير) قال الطبري: " وأما ابن إسحاق فإنه قال في أمر خالد وعزل عمر إياه ما: ثنا محمد بن حميد قال: ثنا سلمة عنه قال:
إنما نزع عمر خالدا في كلام كان خالد تكلم به فيما يزعمون، ولم يزل عمر عليه ساخطا ولأمره كارها في زمان أبي بكر، كلمه لوقعته بابن نويرة وما كان يعمل به في حربه، فلما استخلف عمر كان أول ما تكلم به عزله، فقال: لا يلي لي عملا أبدا.
فكتب إلى أبي عبيدة: إن خالد أكذب نفسه فهو أمير على ما هو عليه، وإن هو لم يكذب نفسه فأنت الأمير على ما هو عليه، ثم انزع عمامته عن رأسه وقاسمه ماله نصفين " (1).
ومما ذكرنا يظهر أن الواقدي لم يذكر النص الكامل للكتاب الأول الذي أرسله عمر إلى أبي عبيدة..
2 - مخالفة أخرى لأبي عبيدة في باب كتمان عزل خالد ولأبي عبيدة في قضية عزل خالد بن الوليد مخالفة صريحة لحكم عمر بن الخطاب، توجب القدح في أمانته وديانته، وإليك تفصيل القضية من الطبري: