حال وعرف في جملة الناس من يذهب إلى المقالة المروية عنهم، وليس هذا في العباسية.
ولولا أن الجاحظ صنف كتابا حكى فيه مقالتهم وأورد فيه ضربا من الحجاج نسبه إليهم، لما عرفت لهم شبهة ولا طريقة تعتمد في نصرة قولهم.
والظاهر أن قوما ممن أراد التسوق والتوصل إلى منافع الدنيا، تقرب إلى بعض خلفاء ولد العباس بذكر هذا المذهب وإظهار اعتقاده ثم انقرض أهله وانقطع نظام القائلين به لانقطاع الأسباب والدواعي لهم إلى إظهاره، ومن جعل ما يحكى من هذه المقالة الضعيفة الشاذة معارضة لقول الشيعة في النص، فقد خرج عن الغاية في البهت والمكابرة.
ومنها: إن الذي يحكى عن هذه الفرقة التي أخبرنا عن شذوذها وانقراضها مخالف أيضا لما تدين به الشيعة من النص، لأنهم يعولون فيما يدعونه من النص على صاحبهم على أخبار آحاد ليس في شئ منها تصريح بنص ولا تعريض، ولا دلالة عليه من الفحوى ولا ظاهر، وإنما يعتمدون على أن العم وارث، وأنه يستحق وراثة المقام كما يستحق وراثة المال، وعلى ما روي من قوله ردوا علي أبي وما أشبه هذا من الأخبار التي إذا سلم نقلها وصحت الرواية المتضمنة لها لم يكن فيها دلالة على النص والإمارة، ولا اعتبار بمن يحمل نفسه من مخالفينا على أن يحكى عنهم القول بالنص الجلي الذي يوجب العلم ويزيل الريب كما يقول الشيعة، لأن هذا القول عن قائله لا يغني عنه شيئا، مع العلم بما حكي من مقالة هذه الفرقة وسطر من احتجاجها واستدلالها.
ولو لم يرجع في ذلك إلا إلى ما صنفه الجاحظ لهم، لكان فيه أكبر حجة وأوضح دلالة، فما وجدناه - مع توغله وشدة توصله إلى نصرة هذا المذهب - أقدم على أن يدعي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصا صريحا بالإمامة، بل الذي اعتمده فهو ما قدمنا ذكره وما يجري مجراه.
مثل: قول العباس - وقد خطب رسول الله صلى الله عليه وآله