(614) عن عروة ابن الزبير: إن عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال: إن ناسا أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة - يعرض برجل - فناداه فقال: إنك لجلف جاف، فلعمري لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين - يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقال له ابن الزبير: فجرب بنفسك، فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك... (1) أقول: يظهر من هذا الحديث أمور:
الأول: بطلان القول بعدالة كل الصحابة، فمنهم عدول، ومنهم غير عدول، هذا ابن الزبير الآخذ بزمام السلطة يقول لابن عباس الصحابي حبر الأمة: أعمى الله قلبه، وأسوأ منه، أن توعده بالرجم، هب أن ابن الزبير ثبت عنده بوجه معتبر نسخ جواز المتعة لكن عبد الله لم يثبت عنده نسخه، فهو يفعل فعلا مشروعا، فكيف يجوز رجم مثله، حقا إنه لجلف جاف أي: الغليظ الطبع القليل الفهم والأدب، كما في شرح النووي.
الثاني: إن عبد الله بن عباس يرى جواز المتعة بعد الخلفاء الراشدين حتى في إمارة ابن الزبير، فالأحاديث الناطقة بأن عليا قال لابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الأنسية، موضوعة، إذ لو سمع ابن عباس ذلك من علي لم يقل بجوازها جزما، على أن مذهب علي وأولاده أئمة أهل البيت هو بقاء جواز المتعة جزما، وعليه الشيعة الإمامية في كل زمان ومكان. وهنا تضارب آخر بين ما نقل عن علي وعن سبرة وسلمة، فالأول: يقول: نهى عنه النبي يوم خيبر، والأخيران: يقولان: يوم فتح مكة! وأراد بعضهم - كالنووي في شرحه على مسلم - أنها