وغشيت عيونهم، وشحبت ألوانهم (1)، حتى عرفت في وجوههم غبرة الخاشعين، فهم عباد الله الذين مشوا على الأرض هونا، واتخذوها بساطا، وترابها فراشا، فرفضوا الدنيا وأقبلوا على الآخرة على منهاج المسيح بن مريم، إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن مرضوا لم يعادوا، صوام الهواجر (2)، قوام الدياجر (3)، يضمحل عندهم كل فتنة، وينجلي عنهم كل شبهة، أولئك أصحابي فاطلبوهم في أطراف الأرضين، فإن لقيتم منهم أحدا فاسألوه أن يستغفر لكم ".
30 - أصول الكافي ج 3 ص 321 - 325 باب المؤمن وعلاماته ح 1:
محمد بن جعفر، عن محمد بن إسماعيل، عن عبد الله بن داهر، عن الحسن بن يحيى، عن قثم أبي قتادة الحراني، عن عبد الله بن يونس، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قام رجل يقال له همام - وكان عابدا، ناسكا، مجتهدا - إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يخطب، فقال: يا أمير المؤمنين صف لنا صفة المؤمن كأننا ننظر إليه؟ فقال: يا همام، المؤمن هو الكيس، الفطن، بشره في وجهه، وحزنه في قلبه، أوسع شئ صدرا، وأذل شئ نفسا، زاجر عن كل فان، حاض (4) على كل حسن، لا حقود، ولا حسود، ولا وثاب (5)، ولأسباب، ولا عياب، ولا مغتاب، يكره الرفعة، ويشنأ السمعة (6)، طويل الغم، بعيد الهم، كثير الصمت (7)، وقور، ذكور، صبور، شكور، مغموم بفكره (8)، مسرور بفقره، سهل الخليقة (9)، لين العريكة (10)،