أقول: فإذا فهمت مضمون هذين الأصحاحين تعلم أن مجئ المجوس من المشرق وانصراف المسيح وأمه إلى مصر من الكذب الصريح الذي انفرد به المترجم، ولم يوافقه أحد من رواة الأناجيل الثلاثة، ولا أصحاب الرسائل، ولا أحد من المؤرخين الذين يعتبر ضبطهم للوقائع، فإذا علمت هذا وضممت اليه قول لوقا (أنه بعد تمام النفاس ذهب يوسف النجار ومريم بالصبي إلى أورشليم ولم يقيما في بيت لحم) لم يكن مجال لتصديق هذا المترجم البتة، ثم إن المجوس لم يكونوا تابعين لملك اليهود ولا يدينون بشريعة نبي حتى ينتظروا مجئ المسيح، ثم إن ما حكاه من أمر هيرودس بذبح الأطفال يقتضي أن هيرودس وأهل أورشليم كانوا أضدادا للمسيح. ولوقا لم يذكر ذلك!! وخلاصة القول إن كان من هذا الأصحاح كلمات ليست مفتريات فليست إلا قوله في الفقرة 6 (وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا لست الصغرى بين رؤساء يهوذا لان منك يخرج مدبر يرعي شعبي إسرائيل).
لأن هذه الفقرة من التوراة تبشر برسالة المسيح (عليه السلام) وهي برهان وحجة على أن المسيح نبي مرسل لبني إسرائيل مؤيد للتوراة، وإذا كان نبيا مرسلا كان بشرا مخلوقا كسائر المخلوقات، ومن قال غير ذلك فهو أعمى البصيرة.