قال نعم، فافترقوا على ذلك.
ثم إن أبا بكر تفكر فيما أمر به من قتل علي (ع) وعرف أنه إن فعل ذلك وقعت حرب شديدة وبلاء طويل، فندم على ما أمره به، فلم ينم ليلته تلك حتى (أصبح، ثم) أتى المسجد وقد أقيمت الصلاة، فتقدم فصلى بالناس مفكرا لا يدري ما يقول.
وأقبل خالد بن الوليد متقلدا بالسيف حتى قام إلى جانب علي (ع)، وقد فطن علي (ع) ببعض ذلك. فلما فرغ أبو بكر من تشهده، صاح قبل أن يسلم: " يا خالد لا تفعل ما أمرتك، فإن فعلت قتلتك "، ثم سلم عن يمينه وشماله.
فوثب علي (ع)، فأخذ بتلابيب خالد، وانتزع السيف من يده، ثم صرعه وجلس على صدره وأخذ سيفه ليقتله. واجتمع عليه أهل المسجد ليخلصوا خالدا فما قدروا عليه.
فقال العباس: حلفوه بحق القبر " لما كففت ". فحلفوه بالقبر فتركه، وقام فانطلق إلى منزله.
وجاء الزبير، والعباس، وأبو ذر، والمقداد، وبنو هاشم، واخترطوا السيوف وقالوا: " والله لا تنتهون حتى يتكلم ويفعل "! واختلف الناس، وماجوا، واضطربوا.
وخرجت نسوة بني هاشم فصرخن وقلن: " يا أعداء الله، ما أسرع ما أبديتم العداوة لرسول الله وأهل بيته، لطالما أردتم هذا من رسول الله (ص)، فلم تقدروا عليه، فقتلتم ابنته بالأمس ثم (أنتم) تريدون اليوم أن تقتلوا أخاه وابن عمه ووصيه وأبا ولده؟ كذبتم ورب الكعبة، ما كنتم تصلون إلى قتله ".