عصاك وحلمك معترض 278 لمن ناواك، عادتك الاحسان إلى المسيئين وسنتك الابقاء على المعتدين حتى لقد غرتهم أناتك عن النزوع 279 وصدهم إمهالك عن الرجوع 280 وإنما تأنيت بهم ليفيئوا إلى أمرك وأمهلتهم ثقة بدوام ملكك، فمن كان من أهل السعادة ختمت له بها ومن كان من أهل الشقاء 281 خذلته لها، كلهم صائرون إلى ظلك 282 وأمورهم آئلة إلى أمرك، لم يهن على طول مدتهم سلطانك ولم يدحض لترك معاجلتهم برهانك حجتك قائمة لا تحول وسلطانك ثابت لا يزول، فالويل الدائم لمن جنح عنك والخيبة الخاذلة لمن خاب منك والشقاء الأشقى لمن اغتر بك ما أكثر تصرفه في عذابك وما أطول تردده في عقابك وما أبعد غايته من الفرج وما أقنطه من سهولة المخرج عدلا من قضائك لا تجور فيه وإنصافا من حكمك لا تحيف عليه، فقد ظاهرت الحجج وأبليت الأعذار وقد تقدمت بالوعيد وتلطفت في الترغيب وضربت الأمثال وأطلت الامهال وأخرت وأنت مستطيع للمعاجلة، وتأنيت وأنت ملي 283 بالمبادرة، لم تكن أناتك عجزا ولا إمهالك وهنا ولا إمساكك غفلة ولا إنظارك 284 مداراة بل لتكون حجتك الأبلغ وكرمك الأكمل وإحسانك الأوفى ونعمتك الأتم، وكل ذلك كان ولم تزل وهو كائن ولا يزول، نعمتك أجل من أن توصف بكلها ومجدك أرفع من أن يحد بكنهه ونعمتك أكثر من أن تحصي بأسرها وإحسانك أكثر 285 من أن تشكر على أقله، وقد قصر بي
(٣٧٠)