أما راشد الغنوشي فيقول: " إن الشريعة عندنا ليست قوالب فوقية متعالية جاهزة للتطبيق حيثما اتفق، بقدر ما هي جملة من القيم والقواعد والمبادئ العليا المطلوب تفاعلها مع خصوصيات زماننا ".
وهناك العديد من الاختلافات الجزئية والعامة بين معظم العلماء والمفكرين والمثقفين. فإما أن نقبل بحرفية النص في حكم الله أو نرفضه، أو نعتبره مرجعا للعديد من الأحكام الوضعية، التي تناسب روح الزمان المكان.
ولكن عندما نقبل بحرفية النص الديني نحتاج إلى من يفسره، لأن النص لا يفسر نفسه، وهنا ظهرت مجموعة من الناس جعلت نفسها المرجع والسلطة الأخير في أمور الدين والشريعة، وكما يقول محمد عمارة: " إن التاريخ الإسلامي عرف رجال دين زعموا لأنفسهم سلطانا في التحليل والتحريم، أو احتكروا لآرائهم صفحات الرأي الوحيد، ومن ثم الرسمي للإسلام ".
كما لا ننسى زعمهم بأحقيتهم في التكفير وحتى العشوائي منه. وهنا نصل بطبيعة الحال إلى الاعتماد على هذه الجماعة، وهي لا شك من علماء الدين لتكون سلطة تشابه سلطة رجال الكهنوت في الدين المسيحي لتتحكم بأمور الدين والدنيا. وهنا بل وهنا فقط ينطبق مفهوم العلمانية الغربية في المجتمع العربي الإسلامي.
وتعليق أخير حول إمكانية أن يكون المسلم علمانيا بمعنى عدم الرجوع إلى أحكام الإسلام، فإن التاريخ يؤكد لنا أنه ومنذ الخلافة الأموية وإلى عصرنا هذا علمانية التجارب العربية الإسلامية مع بعض التباين.
إن التجربة الإيرانية لم تكتمل بعد للحكم عليها. والتجربة الأفغانية ما هي إلا تشويه فاضح للإسلام وحكمه.