وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والآذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون.
وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين.
وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون. (المائدة: 44 - 47).
فالوصف الأول بالكافرين للأحبار الذين يحرفون التوراة، ويشترون بآيات الله ثمنا قليلا! والوصف الثاني بالظالمين، لمن لم يحكم بما أنزل الله تعالى في قصاص النفس والجراح. والوصف الثالث بالفاسقين، لمن لم يحكم بما أنزل الله في الإنجيل.
وعليه فلا تعميم في القرآن للحكم بالكفر على كل من لم يحكم بما أنزل الله تعالى، والقدر المتيقن هو كفر الحاكم الذي يدعي الألوهية في التشريع والحكم، ويجعل ذلك حقا لنفسه في مقابل الله تعالى!
أما الذي يقيم نظاما ويحكم فيه بغير ما أنزل الله، لسبب وآخر، ويعتقد أن التشريع والحكم لله، ولا يدعيه لنفسه مقابل الله، فلا يشمله حكم الكافر وإن انطبق عليه أحيانا حكم الظالم، أو حكم الفاسق.
هذا عن نفس الحاكم صاحب نظام الحكم، أما حكم الراضي به فلا يمكن الحكم بكفره إلا أن يعتقد حق التشريع والحكم لغير الله تعالى ويحكم به.
وبذلك يتبين كم يغرق أتباع النبهاني في اجتهادهم كأتباع ابن عبد الوهاب! عندما يعممون الحكم بالكفر لكل أنواع أنظمة الحكم، ولكل من يرضى بها، ولمن لم يكفر الحاكم بها! فلا يكاد يبقى مسلم على وجه الأرض إلا هم!