في سبيل المدنية كل شئ.
ترون يا سيدي أن جوابي سيكون بسيطا صريحا، خاليا من مجاملات المداهنة العصرية التي تتطلبها مزاياكم السامية، ولكنه جواب يختلف شرفه عن الشرف الذي قلتم إنكم أوليتموه في مأدبة الجمعية الصهيونية في أمر بسيط، صريح. أعني أنه شرف حقيقي.
لا أدري يا سيدي، إذا كان في المأدبة التي أدبتها لكم الجمعية الصهيونية شرفا لكم أو لها. بل لا أدري إذا كان في تلك المأدبة شرف على الإطلاق. أجل لا أدري. وليس الذنب ذنبي إذ كنت لا أدري، فقد تلون الشرف في هذا العصر بألوان متعددة. أما أنا فإني أعرف شرفا واحدا، لا أعرف ولا أبالي بسواه هو الشرف غير الملون. إن المبادئ الأولية التي يعرفها صبيان المكاتب فضلا عن المتنورين، أنه لا يجوز مزج الشرف بالسياسة أو مزج السياسة بالشرف. إنكم ولا شك تعرفون هذا المبدأ قبلي، ولكنكم ضربتم بهذا المبدأ عرض الحائط حين كنتم رئيس وزارة بريطانيا العظمى وأجزتم " تصريح بلفور " المشؤوم الممقوت، وعدتم فضربتم بهذا المبدأ عرض الحائط ووقفتم في مأدبة الجمعية الصهيونية مباهين بصنيعكم الذي إذ تم، وهو لن يتم، قضى على حياة أمة كان من جملة عهودكم أن تعترفوا باستقلالها وتحترموه. وقفتم في تلك المأدبة ومحياكم طلق وقلبكم مفعم سرورا كأنكم تباهون بعمل شريف!
لو كنتم وقفتم في مباهاتكم عند حد ذكر إجازتكم " تصريح بلفور " السئ الطالع، لما كان هناك ما يدعو إلى احمرار وجهكم خجلا! إذ لو كان حدث شئ من ذلك لاعتبر شذوذا عن تقاليد طبيعتكم الأنغلو سكسونية لا يغتفر. ولكنكم لم تقفوا في مباهاتكم عند هذا الحد، بل تجاوزتموه إلى المفاخرة