لم تستفد من بعضها البعض في كثير مما تراه أنت أنها تفتخر وتعتز به.. ولا أعتقد أنها تنكر ذلك.. ولا شك أنهم قد أخذوا منا أشياء ونأخذ منهم.. ولكن الفرق بيننا وبينهم هو أن ما أخذوه منا جعلوه أرضية انطلقوا منها إلى الأفضل والأحسن ولم يتوقفوا عنده. ولكن نحن توقفنا.. نعم توقفنا.. وأخذنا نعتمد بدلا من الإنجاز والإبداع على بعض فضلاته ما ينجزونه.
ولا شك أن لبعض الفتاوى الدينية دورا كبيرا في ذلك.. فهي هيأت نفوس الكثير من المسلمين للنظر بالشك والريبة إلى كل ما هو جديد وقادم من هناك، بحجة أن في ذلك تشبه بالكفار المشركين، وهذا بحد ذاته كفر صريح يدخل صاحبة إلى جهنم وبئس المصير.
(أما أنا فاسمحوا لي أن أفتخر بكل ما أنتمي اليه وينتمي إلي من هذه الأمة العريضة العريقة).
لقد سمحنا لك شيخنا الفاضل.. لك ما تشاء.. ولكن أن أفتخر أنا بكل ما أنتمي إليه من غير تمييز وتنقيح.. فهذا يسمى تعصب أعمى يخالف الفطرة الإنسانية التي من طبيعتها البحث عن كل ما هو سلبي ورفضه أو إصلاحه، وعن كل ما هو إيجابي وتنميته. وهنا يمكنني أن أسمي عقلي بأنه صالح لكل زمان ومكان. فما أنا عليه الآن حتما أنه لم يكن ما هو عليه أبي، والذي هو بدوره لم يكن على ما كان عليه جده.. وهكذا إلى ما قبل النطفة الأولى.
كما أن قولك هذا يدل على أنك هنا فقط لإقناع الآخرين بما أنت عليه، ولم تكن هنا لتتبادل الخبرات معهم.. وهم فيما لو اقتنعوا بما تقوله أنت فذلك يعني أنهم قد تخلوا عما كانوا عليه سابقا.. وبذلك خالفوا ما قدمت لهم أنت من نصيحة بوجوب التمسك بما هم علموا وورثوا من آباءهم.