إمرارها على ما جاءت من غير تفسير ولا تأويل، إلا أن تقع ضرورة كقوله تعالى (وجاء ربك) (2) أي جاء أمره، وهذا مذهب السلف.
والمرتبة الثانية، التأويل، وهو مقام خطر.
والمرتبة الثالثة القول فيها بمقتضى الحس، وقد عم الناقلين (3)، إذ ليس لهم حظ من علوم المعقولات التي يعرف بها ما يجوز على الله تعالى وما يستحيل، فإن علم المعقولات يصرف ظواهر المنقولات عن التشبيه، فإذا عدموا تصرفوا في النقل بمقتضى الحس) (4).
وقال التقى الدين ابن تيمية، رادا على من قال إن أكثر الحنابلة مجسمة ومشبهة:
(المشبهة والمجسمة في غير أصحاب الإمام أحمد أكثر منهم فيهم، فهؤلاء أصناف الأكراد، كلهم شافعية، وفيهم من التشبيه والتجسيم ما لا يوجد في صنف آخر، وأهل جيلان فيهم شافعية وحنبلية، وأما الحنبلية المحضة فليس فيهم من ذلك ما في غيرهم، والكرامية كلهم حنفية) (5). ولست أقر ابن تيمية على دفاعه عن أهل مذهبه ولكني أسكت عنه.......
4 - نماذج مختارة: وكنموذج لما أشار إليه ابن الجوزي في كلامه عن المحدثين أختار ثلاثة لم يكونوا من الحنابلة الصرحاء، وأقدم لكل منهم بعض الترجمة كي لا يتهمني متهم بأني عثرت على مغمورين خاملين لم يكونوا ذوي شأن عند المحدثين:
1 - إسحاق بن مخلد بن إبراهيم، أبو يعقوب الحنظلي المروزي، ابن راهويه النيسابوري (161 / 778 ت 238 / 853).
قال الخطيب: كان أحد أئمة المسلمين، وعلما من أعلام الدين، اجتمع له الحديث والفقه، والحفظ والصدق، والورع والزهد، ورحل إلى العراق، والحجاز، واليمن والشام.... وورد بغداد وجالس حفاظ أهلها، وذاكرهم، وعاد إلى خراسان فاستوطن نيسابور إلى أن توفي بها، وانتشر علمه عند الخراسانيين. وهكذا قال المزي والسبكي. وهو شيخ البخاري، ومسلم، والترمذي، وأبو داود، والنسائي، وبقية بن الوليد، ويحيى بن آدم - وهما شيوخه - وأحمد بن حنبل، وإسحاق