بصيغة جمع المتكلم والغائب فقط ولم يسندها بصيغة المفرد مثل: بشرنا، أرسلنا، صورنا، رزقنا، بينا.. الخ. ولم يقل بشرت أو رزقت.... الخ.
إن كلمات القرآن وحروفه موضوعة في مواضعها بموجب علوم إلهية عميقة وحسابات ربانية دقيقة، كما وضعت النجوم في مواضعها ومداراتها في الكون (فلا أقسم بمواقع النجوم، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم، إنه لقرآن كريم). وإن كشف أصل وجود القاعدة في نسبة الفعل الإلهي في القرآن بحد ذاته أمر مهم. ولكن معادلتها وتطبيقاتها ستبقى على الأرجح ظنا وتخمينا، لأننا محرومون من الذي عنده علم الكتاب روحي فداه!
روى في الإحتجاج أن شخصا جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقال له: لولا ما في القرآن من الاختلاف والتناقض لدخلت في دينكم! فقال له عليه السلام: وما هو فقال:....
أجد الله يقول: قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم، وفي موضع آخر يقول: الله يتوفى الأنفس حين موتها، والذين تتوفاهم الملائكة طيبين، وما أشبه ذلك، فمرة يجعل الفعل لنفسه ومرة لملك الموت، ومرة للملائكة.... فقال أمير المؤمنين:
سبوح قدوس رب الملائكة والروح، تبارك وتعالى، هو الحي الدائم، القائم على كل نفس بما كسبت، هات أيضا ما شككت فيه:
قال: حسبي ما ذكرت..... قال عليه السلام: فأما قوله: الله يتوفى الأنفس حين موتها، وقوله: يتوفاكم ملك الموت، وتوفته رسلنا، والذين تتوفاهم الملائكة طيبين، والذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم.... فهو تبارك وتعالى أعظم وأجل من أن يتولى ذلك بنفسه، وفعل رسله وملائكته فعله، لأنهم بأمره يعملون، فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه وهم الذين قال فيهم: الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس.. فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة، ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة يصدرون عن أمره، وفعلهم فعله، وكل ما