وولده أبا بكر. ثم جاء الذين من بعدهم فوجدوا طريقا ممهدا فسلكوه، لأن فتح الخليفة عمر لهذا الباب لم يكن حدثا عاديا، بل كان وضع أساس من صدر الإسلام لكل من جاء بعده، وفتح (قناة شرعية) بين نهر ثقافة أحبار اليهود ومكتوباتهم لتصب في نهر الإسلام الصافي!
وقد نشطت قناة الخليفة عمر، وصارت مصدرا أساسيا لثقافة المسلمين في عهد معاوية، وشرب الرواة وعلماء السلطة من أفكار كعب وجماعته، وشيدوا أبنيتهم بأحجارها! وهذه آثارها شاخصة في مصادر المسلمين وصحاحهم!
ومن جهة سياسية فقد سببت هذه الأفكار اختلافات في الأمة وانقسامات وصراعات مريرة.. وحاول المؤرخون كعادتهم أن يبرئوا منها السلطة والخليفة ويتهموا بها المعارضة من أهل البيت وشيعتهم، لمجرد أنهم معارضة مكروهون!
ويطول البحث لو أردنا تعداد الذين رووا عن اليهود من رواة القرن الأول والثاني..
.. ومن باب المثال نذكر ما قاله السبكي في طبقات الشافعية ج 9 ص 73 في رده على ابن تيمية: (.... ثم أفاد المدعي (ابن تيمية) وأسند أن هذه المقالة مأخوذة من تلامذة اليهود والمشركين وضلال الصابئين. قال: فإن أول من حفظ عنه هذه المقالة: الجعد بن درهم، وأخذها عنه جهم بن صفوان، وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية إليه، قال والجعد أخذها عن أبان بن سمعان، وأخذها أبان من طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت من لبيد اليهودي الذي سحر النبي صلى الله عليه وسلم.
قال: وكان الجعد هذا فيما يقال من أهل حران.
فيقال له: أيها المدعي إن هذه المقالة مأخوذة من تلامذة اليهود، قد خالفت الضرورة في ذلك، فإنه ما يخفى على جميع الخواص وكثير من العوام أن اليهود مجسمة مشبهات، فكيف يكون ضد التجسيم والتشبيه مأخوذا عنهم!) انتهى.
ويسهل على الباحث أن يلاحظ أن بعض الأحاديث التي استدل بها ابن تيمية وغيره من القائلين بالرؤية بالعين والتشبيه، هي نصوص يهودية أو نصرانية موجودة في مصادرهم، وبعضها الآخر يشم منها رائحة يهودية قوية!