أحل الله، ويجترئ على حرمات الله، اضطروا إلى استخراج مصحح، فلم يجدوا إلا دعوى النسخ من النبي بعد الإباحة، فارتبكوا ذلك الإرتباك، واضطربت كلماتهم ذلك الاضطراب، ولو أنهم صححوا عمل الخليفة بما ذكرناه لأغناهم عن ذلك التكلف والارتباك.
ويشهد لما ذكرناه ما سبق من رواية مسلم عن جابر: كنا نتمتع بالقبضة من التمر والدقيق على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، وأبي بكر، حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث (1) الحديث.
فإنه يدل دلالة واضحة أن عمر نهى عن المتعة من أجل قضية في واقعة استنكر الخليفة منها، فرأى من الصالح للأمة النهي عنها، وإن كنا لم نعثر على شئ من شأن القضية، ولكن أبا حفص كان معلوما حاله في الشدة والتنمر، والغلظة والخشونة في عامة أموره، فربما يكون قد استنكر شيئا في واقعة خاصة أوجب تأثره وتهيجه الشديد الذي بعثه على المنع المطلق خوف وقوع أمثاله، اجتهادا منه ورأيا تمكن في ذهنه، وإلا فأمر المتعة وحليتها بعد: نص القرآن، وعمل النبي، والصحابة طول زمن النبي، ومدة خلافة أبي بكر، وبرهة من خلافة عمر، أوضح من أن يحتاج إلى شئ من تلك المباحث والهنابث (2)، وتلك المداولات العريضة الطويلة.