أقول للشيخ لما طال مجلسه * يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس وعبد الله بن مسعود، ومجاهد، وعطاء، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وسلمة بن الأكوع، وأبي سعيد الخدري، والمغيرة بن شعبة، وسعيد بن جبير، وابن جريح، وأنهم كانوا يفتون بها. فادعاء الخصم الاتفاق على حضر النكاح المؤجل باطل. إنتهى كلامه (1).
وكل ذي بصيرة يعرف ما فيه من المتانة والرصانة، وقوة الحجة والمعارضة.
هذا كله في البحث عن المسألة من وجهتها الدينية والتاريخية، والنظر إليها من حيث الدليل حسب القواعد الأصولية، والطرق الشرعية...
أما النظر فيها من الوجهة الأخلاقية والاجتماعية:
فأقول: أليس دين الاسلام هو الصوت الإلهي، والنغمة الربوبية الشجية التي هبت على البشر بنسائم الرحمة، وعطرت مشام الوجود بلطائف السعود، وجاءت لسعادة الانسان لا لشقائه، ولنعمته لا لبلائه، هو الدين الذي يتمشى مع الزمان في كل أطواره، ويدور مع الدهر في جميع أدواره، ويسد حاجات البشر في نظم معاشهم ومعادهم، وجلب صلاحهم، ودرء فسادهم. ما جاء دين الاسلام ليشق على البشر، ويلقيهم في حظيرة المشقة، وعصارة البلاء والمحنة، وكلفة الشقاء والتعاسة، كلا! بل جاء رحمة للعالمين، وبركة على الخلق أجمعين، ممهدا سبل الهناء والراحة، ووسائل الرخاء والنعمة، ولذا كان أكمل الأديان، وخاتمة الشرائع، إذ لم يدع نقصا في نواميس سعادة البشر يأتي دين بعده فيكمله، أو ثلمة في ناحية من نواحي الحياة فتأتي شريعة أخرى فتسدها.