أصل الشيعة وأصولها - الشيخ كاشف الغطاء - الصفحة ٢٠٣
ولكن الزمخشري يحدثنا عنه في (ربيعه): أنه كان يقول: ما لقينا من علي [عليه السلام] إن أحببناه قتلنا وإن أبغضناه هلكنا (1).
إلى أن تصرمت الدولة السفيانية وخلفتها الدولة المروانية (2)، وعلى رأسها عبد الملك، وما أدراك ما عبد الملك، نصب الحجاج المجانيق على الكعبة بأمره حتى هدمها وأحرقها، ثم قتل أهاليها، وذبح عبد الله بن الزبير في المسجد الحرام بين الكعبة والمقام، وانتهك حرمة الحرم الذي كانت الجاهلية تعظمه ولا تستبيح دماء الوحش فيه فضلا عن البشر، وأعطى عهد الله وميثاقه لابن عمه عمرو بن سعيد الأشدق ثم قتله غدرا وغيلة حتى قال فيه عبد الرحمن بن الحكم من أبيات:
غدرتم بعمرو يا بني خيط باطل * ومثلكم يبني العهود على الغدر (3)

(١) ربيع الأبرار ١: ٤٩٤.
(٢) ينقسم الأمويون إلى بطنين كبيرين، هما: العنابسة، والأعياص. فالعنابسة يعودون بنسبهم إلى عنبسة عم أبي سفيان بن حرب، ومنه سرت تسميته عليهم، فأسموا بالسفيانيين.
وأما الأعياص فيعودون بنسبهم إلى رجل يقال له: العيص، أو العويص، أو العاص، أو أبا العاص، والذي من أبنائه الحكم، طريد رسول الله صلى الله عليه وآله، هو وابنه مروان سئ الذكر.
فالسفيانيون كانوا هم الذين امتطوا أول الأمر ناصية الدولة الاسلامية في عهد معاوية بن أبي سفيان عام (41 ه‍) وحيث امتدت دولتهم حتى نهاية حكم معاوية الثاني وتسلم مروان ابن الحكم زمام الأمور عام (64 ه‍) ليقيم بعد ذلك ما أسمي بالدولة المروانية، خلفا للسفيانيين، فشابه الخلف السلف.
(3) روت المصادر التأريخية: أنه بعد أن خالف عمرو بن سعيد عبد الملك وغلبه على دمشق في سنة تسع وستين هجرية، حصل بين الاثنين قتال استمر أياما، ثم عقدا بينهما صلحا، وكتبا بذلك كتابا، وآمن عبد الملك عمروا وأعطاه على ذلك العهود، إلا أن عبد الملك لم يلبث أن نقض عهده، وضرب عرض الحائط بوعوده، وخان وليست الخيانة إلا خصلة متواضعة من خصالهم بعمرو، حيث أرسل إليه بعد أربعة أيام من دخوله دمشق مستضيفا إياه، ومرحبا به أشد الترحيب، فوثق به عمرو، واطمأن إليه، إلا أن عبد الملك لم أن يلبث أن قتله قتلة بشعة، بعد أن احتال عليه بحيل ماكرة.
أنظر: تأريخ الطبري 6: 140، الكامل في التأريخ 4: 297، مروج الذهب 3: 304، العقد الفريد 5: 155.
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست