اليوم.
فمن هذا وأضعاف أمثاله استمكن البغض له والكراهة في قلوب المسلمين، وعرفوا أنه رجل دنيا لا علاقة له بالدين، وما أصدق ما قال عن نفسه فيما حدثنا الزمخشري في (ربيعه) قال: قال معاوية: أما أبو بكر فقد سلم من الدنيا وسلمت منه، وأما عمر فقد عالجها وعالجته، وأما عثمان فقد نال منها ونالت منه، وأما أنا فقد تضجعتها ظهرا لبطن، وانقطعت إليها وانقطعت إلي (1).
ومن ذلك اليوم أعني يوم خلافة معاوية ويزيد انفصلت السلطة المدنية عن الدينية، وكانت مجتمعة في الخلفاء الأولين، فكان الخليفة يقبض على إحداهما باليمين وعلى الأخرى بالشمال، ولكن من عهد معاوية عرفوا أنه ليس من الدين على شئ، وأن الدين له أئمة ومراجع هم أهله وأحق به، ولم يجدوا من توفرت فيه شروط الإمامة من: العلم، والزهد، والشجاعة، وشرف الحسب والنسب غير علي عليه السلام وولده.
ضم إلى ذلك ما يرويه الصحابة للناس من كلمات النبي في حقهم، والإيعاز إلى أحقيتهم، فلم يزل التشيع لعلي عليه السلام وأولاده بهذا وأمثاله ينمو ويسري في جميع الأمة الاسلامية سريان البرء في جسد العليل، خفيا وظاهرا، ومستورا وبارزا.
ثم تلاه شهادة الحسين عليه السلام، وما جرى عليه يوم الطف، مما أوجب انكسار القلوب والجروح الدامية له في النفوس، وهو ابن رسول الله وريحانته، وبقايا الصحابة: كزيد بن أرقم، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وسهل بن سعد الساعدي، وأنس بن مالك، الذين شاهدوا حفاوة رسول الله