بل لكل واحد من نوابغ شعراء تلك العصور القصائد الرنانة، والمقاطيع العبقرية في مدح أئمة الحق، والتشنيع على ملوك زمانهم بالظلم والجور، وإظهار الولاء لأولئك والبراءة من هؤلاء.
فلقد كان دعبل يقول: إني أحمل خشبتي على ظهري منذ أربعين سنة، فلم أجد من يصلبني عليها. وكان قد هجا الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم، ومدح الصادق والكاظم والرضا، وأشعاره بذلك مشهورة، وفي كتب الأدب والتاريخ مسطورة (1).
هذا كله في أيام قوة بني أمية وبني العباس، وشدة بأسهم وسطوتهم، فانظر ماذا يصنع الحق واليقين بنفوس المسلمين، واعرف هنالك حق الشجاعة والبسالة، والمفاداة والتضحية، وهذا بحث طويل الذيل ينصب لو أردنا استيفاءه انصباب السيل، وليس هو المقصود الآن بالبيان، وإنما المقصود بيان مبدأ [شجرة] التشيع وغارسها في حديقة الاسلام، وشرح أسباب نشوئها ونموها، وسموها وعلوها. وما تكلمت عن عاطفة، بل كباحث