أصل الشيعة وأصولها - الشيخ كاشف الغطاء - الصفحة ١٩٨
الأمة على بيعة يزيد (1)، واستلحاق زياد أشهر (2)، وتوسعه بالموائد وألوان المطاعم الأنيقة معلوم، وكل ذلك من أموال الأمة، وفئ المسلمين الذي كان يصرفه
(١) وتلك والله وحدها موبقة عظيمة كفيلة بإيراد معاوية في أسفل درك الجحيم، حيث ملك رقاب الأمة رجلا تجمعت فيه كل صفات الرذيلة والانحطاط بشكل جلي، بل وكان من أوضح الناس عداء لله ولرسوله، وبغضا لأهل بيت النبوة عليهم السلام، حتى فعل ما فعل أبان حكمه القصير من الفجائع والنكبات ما ترتعش من هولها السماوات والأرضين، كان أعظمها قتلابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وريحانته، وسيد شباب أهل الجنة، الإمام السبط الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام مع إخوانه وأهل بيته وأصحابه، بل وسبي عياله والطواف بهم في البلدان بشكل تتفطر له القلوب، وتتصدع له الجبال...
فما فعل معاوية بهذه الأمة وما جنى عليها... بل وبمن تتعلق هذه الجناية العظيمة، والرزية المهولة؟
ثم هل ينجو معاوية من واقعة الحرة التي فجع فيها ولده اللعين مدينة رسول الله صلى الله عليه وآله، واستباح فيها الأموال والدماء والأعراض، وغير ذلك مما لا تحتمله القلوب ولا تصدقه العقول، بل ووضع سيفه في رقاب المسلمين حتى قتل يومئذ من المهاجرين والأنصار وغيرهم من المسلمين أكثر من عشرة آلاف رجل كما تذكر ذلك الكثير من المراجع والمصادر المختلفة، حتى لقد قيل بأنه لم يبق في المدينة بدري بعدها، ناهيك عمن قتل من النساء أيضا والصبيان..، بل وروي أيضا بأن جنده وأزلامه افتضوا في هذه الواقعة ألف عذراء من بنات المهاجرين والأنصار، وأمروا المسلمين بالبيعة لأميرهم اللعين يزيد على أنهم عبيد وخول، إن شاء استرق وإن شاء أعتق!.
نعم، هذه وغيرها من الموبقات العظيمة التي لا عد لها ولا حصر، والتي لا تصدر إلا عن كافر، خبيث السريرة، نتن الطوية، لعين المرتع.
وأخيرا أقول: ماذا فعل معاوية بهذه الأمة، وأنى له التنصل من تبعات هذه الأفعال الثقال التي لحقت بأفعاله هو والتي لا تقل عنها فسادا ولا انحرافا.
(٢) نعم ألحقه بدعوى أن أبا سفيان زنى بسمية وكانت من ذوات الرايات وهي على فراش عبيد، فحملت بزياد، وذلك بشهادة أبي مريم، المتاجر بالخمور والقيادة، فهنيئا للأمة الاسلامية بكذا زعماء لا يزال البعض يكنون لهم الاحترام والتقدير والتقديس، بعد أن حرفوا الدين، وضيعوا حدوده، وأباحوا حرماته، وسفكوا دماء أهله، وما تركوا شيئا منكرا إلا وفعلوه.
أنظر: تأريخ الطبري ٥: ٢١٤، الكامل في التأريخ ٣: ٤٤١، مروج الذهب ٣: ١٩٣، العقد الفريد ٥: ٢٦٧ و ٦: ١٤٤، سير أعلام النبلاء ٣: ٤٩٥، الإصابة ٣: ٤٣.