الإثنا عشرية - الحر العاملي - الصفحة ١١٥
أن بلالا ترك الأذان بعد رسول الله صلى الله عليه وآله لما ترك الناس حي على خير العمل فالتمست منه فاطمة عليها السلام أن يؤذن وقالت: أحب أن أسمع صوت مؤذن أبي فشرع في الأذان فلما قال أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله ذكرت أيام أبيها فبكت وخرت مغشية عليها حتى ظنوا أنها ماتت فأخبروا بلالا فقطع الأذان (1).
هذا حاصل الحديث والجواب واضح إذ لا إشعار بمطلبهم ولا يمكن أن ينكر تأثير الحزن في القلوب وهو مشاهد عيانا وتأثيره في قلوب النساء أكثر غالبا لكن أين هذا من دعواهم ومعلوم أن سببه الحزن وذكر أيام أبيها، وغير معلوم تقدم علمها بحصوله وتوصلها إليه مع أن ذلك ليس باختياري وبعد فكيف لم يؤثر ذلك في علي والحسن والحسين عليهم السلام وهل يمكن تفضيل فاطمة عليهم أو القول بأنها كانت صوفية دونهم على أنا إنما أنكرنا ما كان تصنعا وتكلفا وقد توصل إليه بما ليس بمشروع أو بالمشروع دون ما ليس باختياري ولا يعتقده صاحبه عبادة ولا توصل إليه والحاصل أن هذا الاحتجاج ساقط قطعا.
واحتج بعضهم بما ورد في خطبة همام ووصف علي عليه السلام المتقين فخر همام مغشيا عليه فحركوه فإذا هو ميت فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أما والله لقد كنت أخافها عليه هكذا تصنع المواضع البالغة بأهلها (2).
والجواب أيضا واضح لما مر مع أنه لا يمكن القول بأن من تأثر كهمام أفضل ممن لم يتأثر كأمير المؤمنين عليه السلام بل معلوم أن الأمر بالعكس وأن الموت بسبب ذلك إما اتفاقي أو لغلبة الخوف والحزن وعدم الصبر.
وقوله: أما لقد كنت أخافها عليه يدل على المرجوحية وإلا لم يكن للخوف معنى بل هو مقام الرجاء مع أن فعل همام ليس بحجة لعدم عصمته ولا تقرير هنا لمفاجآت الموت له على أن فاطمة عليها السلام وهماما لم يفعلوا شيئا مما أنكرناه هنا ولولا ذكرهم لمثل هذا لما حسن التعرض له والله يعلم.

(١) الفقيه: ج ١ ص ٢٩٨ - 284.
(2) راجع خطبة 184 في نهج البلاغة.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 2
2 الباب الأول: في ابطال النسبة وذمها 10
3 الباب الثاني: في ابطال التصوف وذمه 23
4 الباب الثالث: في ابطال اعتقاد الحلول والاتحاد 57
5 الباب الرابع: في ابطال الكشف الذي يدعونه 81
6 الباب الخامس: في ابطال ما يعتقدونه من سقوط التكاليف الشرعية عند ذلك الكشف 88
7 الباب السادس: في ابطال ما يفعلونه من الجلوس في الشتاء وما ابتدعوه من الرياضة وترك اللحم 98
8 الباب السابع: في ابطال ما يجعلونه من أفضل العبادات من الفتل والسقوط على الأرض 112
9 الباب الثامن: في ابطال ما يعتقدونه من أفضل العبادات أيضا من الرقص والصفق بالأيدي والصياح 116
10 الباب التاسع: في اثبات ما يبطلونه ويمنعون منه من السعي على الرزق وطلب المعاش والتجمل ونحوها 118
11 الباب العاشر: في تحريم ما يستحلونه ويعدونه عبادة من الغنا على وجه العموم والخصوص صورة كونه في القرآن والذكر 123
12 الباب الحادي عشر: في ابطال ما يفعلونه من الذكر الخفي والجلي على ما ابتدعوه 148
13 الباب الثاني عشر: في ابطال ما صار شعارا لهم من موالاة أعداء الله ومعاداة أولياء الله وفيه اثنا عشر فصلا 151
14 الفصل الأول: في تحريم الاقتداء بأعداء الدين ومشابهتهم ومشاكلتهم 158
15 الفصل الثاني: في تحريم الابتداع في الدين 160
16 الفصل الثالث: في ذكر بعض مطاعن مشايخ الصوفية 163
17 الفصل الرابع: في وجوب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 183
18 الفصل الخامس: في تحريم ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 185
19 الفصل السادس: في وجوب المجادلة في الدين والمناظرة لبيان الحق 187
20 الفصل السابع: في وجوب جهاد النفس وأعداء الدين 188
21 الفصل الثامن: في وجوب اجتناب معاشرة أهل البدع والمعاصي 190
22 الفصل التاسع: في جواز لعن المبتدعين والمخالفين والبراءة منهم 193
23 الفصل العاشر: في تحريم التعصب بالباطل 196
24 الفصل الحادي عشر: في عدم جواز حسن الظن بالعامة واتباع شيء من طريقتهم المختصة بهم 197
25 الفصل الثاني عشر: في وجوب جهاد النفس والكفر والابتداع والفسق 200