من الآيات ومعلوم أن التحريم على النفس بمعنى منعها وحرمانها داخل في مضمون هذه الآيات وما يأتي من الروايات ومفهوم منها وإن لم يعتقد صاحبها التحريم الشرعي.
الثامن: ما روي عنهم عليهم السلام في كثير من الأحاديث من الأمر بالاقتصاد في العبادة والنهي عن الافراط لما يحصل من ذلك من ملل النفس مع أنها عبادات معلومة المشروعية فما الظن بما نحن فيه، وقد عرفت حاله وحكمه والأحاديث المشار إليها متعددة مشهورة وفي أصول الكافي وغيرها مذكورة.
التاسع: ما روي عنهم عليهم السلام في استحباب طول الجلوس على المائدة وإجابة دعوة المؤمن وإطعام الطعام والأكل مع الإخوان، وما روي من أن ابن آدم أجوف لا بد له من الطعام (1) وغير ذلك مما هو مذكور في أحاديث الأطعمة والأشربة من الكافي والمحاسن وغيرهما، ومنافاة ذلك لقاعدة الصوفية في هذا الباب ظاهرة، وأما ما ورد في ذم الأكل على الشبع وكثرة الأكل فلا إشعار له بالدلالة على مطلبهم بوجه إذ الافراط والتفريط مذمومان وذلك خارج عن موضوع البحث.
العاشر: الأحاديث الشريفة المروية عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام الصريحة في الرد عليهم هنا والإنكار لفعلهم وهو كثير أذكر بعضه.
فمن ذلك ما رواه الكليني في باب سيرة الإمام بإسناده في احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على عاصم بن زياد حين لبس العباء وترك الملأ وشكاه أخوه الربيع ابن زياد إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قد غم أهله وأحزن ولده، بذلك فقال أمير المؤمنين عليه السلام علي بعاصم بن زياد فلما جيئ به عبس في وجهه وقال: له أما استحييت من أهلك؟ أما رحمت ولدك؟ أترى أن الله أحل لك الطيبات وهو يكره أخذك منها أنت أهون على الله من ذلك أوليس الله تعالى يقول (والأرض وضعها للأنام فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام) أوليس الله يقول (مرج البحرين يلتقيان بينهما