وإذا عرفت معنى القادر، فالدليل على أنه على هذا الوصف: ما سبق من كونه فعل العالم على سبيل الصحة (17). وتحقيق ذلك أن نقول: لو لم يكن قادرا لكان موجبا، واللازم محال، فالملزوم مثله.
أما الملازمة فظاهرة، لأنه إما أن يفعل مع الجواز أو لا معه، والأول قادر، والثاني موجب. وأما بطلان اللازم فلأنه لو فعل مع الوجوب للزم قدم العالم، لأنه إن كان موجبا بلا شرط لزم وجوب أثره معه، وإن كان بشرط، فإن كان عدميا كان عدما لموجود قديم، وعدم القديم محال، وإن كان وجوديا وكان حادثا لزم إما التسلسل أو الدور، أو أن يكون في الوجود واجبين لذاتيهما وكل ذلك محال، وإن كان قديما لزم قدم العالم، إذ مع وجود العلة التامة وشرط التأثير يحصل الأثر. (18) وأما القائلون بإثبات الحال للقادر، قالوا: صحة الفعل من إحدى الذاتين دون مماثلها يقتضي اختصاصها لمزية راجعة إلى الجملة، ضرورة اختصاص الحكم بالجملة، ولا نعني بالحال في هذا المقام إلا مزية راجعة إلى الجملة.
فيقال لهم: لم لا يجوز أن يكون صحة الفعل لذاته المنفردة بحقيقتها