ويدل على ذلك من القرآن قوله تعالى: ﴿لا ينال عهدي الظالمين﴾ (14) ولأن فعل المعصية منفر عن الاتباع، ويجب صون الأنبياء عن الأمور المنفرة.
محمد صلى الله عليه وآله وسلم رسول لأنه ادعى النبوة وظهر على يده المعجز ومن كان كذلك فهو صادق.
أما دعواه النبوة فمتواتر، لا يدفعه إلا مكابر، وأما ظهور المعجز فلأنه تحدى العرب بالقرآن ولم يعارضوه. فلو كانوا قادرين على معارضته لعارضوه، لأن دواعيهم كانت متوفرة إلى إظهار غلبته، ومن كان داعيه متوفرا إلى شئ وعلم أنه يحصل بما هو قادر عليه فإنه يفعله لا محالة، فلما لم يعارضوه وعدلوا إلى حربه، مع صعوبة الحرب وشدتها، دل على المعجز، لأن العاقل لا يعدل من الأسهل إلى الأشق إلا مع العجز.
ومن معجزاته - عليه السلام - ما اشتهر نقله - واستفاض مثل حنين الجذع، وانشقاق القمر، وكلام الذراع، وإنباع الماء من أنامله، وإطعام الخلق الكثير من الزاد القليل، وغير ذلك (15) من المعجزات التي يقوم من مجموعها الجزم بظهور المعجز.
وأما الدليل على أن كل من أظهر على يده المعجز فهو صادق، فلأن المعجز يجري مجرى قوله القائل: صدقت، ألا ترى أن الملك العظيم إذا ادعى إنسان بحضرته النيابة عنه، وقال: الدليل على ذلك أنه يرفع عمامته