مع سكونه إذا قلت: جلست وسط القوم، ووسط رأسه دهن، ألا ترى أن وسط القوم بمعنى وسط القوم؟ إلا أن وسطا يلزم الظرفية ولا يكون إلا اسما، فاستعير له إذا خرج عن الظرفية الوسط على جهة النيابة عنه، وهو في غير هذا مخالف لمعناه، وقد يستعمل الوسط الذي هو ظرف اسما ويبقى على سكونه كما استعملوا بين اسما على حكمها ظرفا في نحو قوله تعالى: لقد تقطع بينكم، قال القتال الكلابي: من وسط جمع بني قريظ، بعدما هتفت ربيعة: يا بني خوار وقال عدي بن زيد:
وسطه كاليراع أو سرج المج - دل، حينا يخبو، وحينا ينير وفي الحديث: الجالس وسط الحلقة ملعون، قال: الوسط، بالتسكين، يقال فيما كان متفرق الأجزاء غير متصل كالناس والدواب وغير ذلك، فإذا كان متصل الأجزاء كالدار والرأس فهو بالفتح. وكل ما يصلح فيه بين، فهو بالسكون، وما لا يصلح فيه بين، فهو بالفتح، وقيل: كل منهما يقع موقع الآخر، قال: وكأنه الأشبه، قال: وإنما لعن الجالس وسط الحلقة لأنه لا بد وأن يستدبر بعض المحيطين به فيؤذيهم فيلعنونه ويذمونه.
ووسط الشئ: صار بأوسطه، قال غيلان بن حريث:
وقد وسطت مالكا وحنظلا صيابها، والعدد المجلجلا قال الجوهري: أراد وحنظلة، فلما وقف جعل الهاء ألفا لأنه ليس بينهما إلا الههة وقد ذهبت عند الوقف فأشبهت الألف كما قال امرؤ القيس: وعمرو بن درماء الهمام إذا غدا بذي شطب عضب، كمشية قسورا أراد قسورة. قال: ولو جعله اسما محذوفا منه الهاء لأجراه، قال ابن بري: إنما أراد حريث بن غيلان (* قوله حريث بن غيلان كذا بالأصل هنا وتقدم قريبا غيلان ابن حريث.) وحنظل لأنه رخمه في غير النداء ثم أطلق القافية، قال: وقول الجوهري جعل الهاء ألفا وهم منه.
ويقال: وسطت القوم أسطهم وسطا وسطة أي توسطتهم.
ووسط الشئ وتوسطه: صار في وسطه.
ووسوط الشمس: توسطها السماء.
وواسط الرحل وواسطته، الأخيرة عن اللحياني: ما بين القادمة والآخرة. وواسط الكور: مقدمه، قال طرفة:
وإن شئت سامى واسط الكور رأسها، وعامت بضبعيها نجاء الخفيدد وواسطة القلادة: الدرة التي وسطها وهي أنفس خرزها، وفي الصحاح: واسطة القلادة الجوهر الذي هو في وسطها وهو أجودها، فأما قول الأعرابي للحسن: علمني دينا وسوطا لا ذاهبا فروطا ولا ساقطا سقوطا، فإن الوسوط ههنا المتوسط بين الغالي والتالي، ألا تراه قال لا ذاهبا فروطا؟ أي ليس ينال وهو أحسن الأديان، ألا ترى إلى قول علي، رضوان الله عليه: خير الناس هذا النمط الأوسط