يلحق بهم التالي ويرجع إليهم الغالي؟ قال الحسن للأعرابي: خير الأمور أوساطها، قال ابن الأثير في هذا الحديث: كل خصلة محمودة فلها طرفان مذمومان، فإن السخاء وسط بين البخل والتبذير، والشجاعة وسط بين الجبن والتهور، والإنسان مأمور أن يتجنب كل وصف مذموم، وتجنبه بالتعري منه والبعد منه، فكلما ازداد منه بعدا ازداد منه تقربا، وأبعد الجهات والمقادير والمعاني من كل طرفين وسطهما، وهو غاية البعد منهما، فإذا كان في الوسط فقد بعد عن الأطراف المذمومة بقدر الإمكان. وفي الحديث: الوالد أوسط أبواب الجنة أي خيرها. يقال: هو من أوسط قومه أي خيارهم. وفي الحديث: أنه كان من أوسط قومه أي من أشرفهم وأحسبهم. وفي حديث رقيقة:
انظروا رجلا وسيطا أي حسيبا في قومه، ومنه سميت الصلاة الوسطى لأنها أفضل الصلوات وأعظمها أجرا، ولذلك خصت بالمحافظة عليها، وقيل: لأنها وسط بين صلاتي الليل وصلاتي النهار، ولذلك وقع الخلاف فيها فقيل العصر، وقيل الصبح، وقيل بخلاف ذلك، وقال أبو الحسن:
والصلاة الوسطى يعني صلاة الجمعة لأنها أفضل الصلوات، قال: ومن قال خلاف هذا فقد أخطأ إلا أن يقوله برواية مسندة إلى النبي، صلى الله عليه وسلم.
ووسط في حسبه وساطة وسطة ووسط ووسط، ووسطه: حل وسطه أي أكرمه، قال:
يسط البيوت لكي تكون ردية، من حيث توضع جفنة المسترفد ووسط قومه في الحسب يسطهم سطة حسنة. الليث: فلان وسيط الدار والحسب في قومه، وقد وسط وساطة وسطة ووسط توسيطا، وأنشد:
وسطت من حنظلة الأصطما وفلان وسيط في قومه إذا كان أوسطهم نسبا وأرفعهم مجدا، قال العرجي:
كأني لم أكن فيهم وسيطا، ولم تك نسبتي في آل عمر والتوسيط: أن تجعل الشئ في الوسط. وقرأ بعضهم: فوسطن به جمعا، قال ابن بري: هذه القراءة تنسب إلى علي، كرم الله وجهه، وإلى ابن أبي ليلى وإبراهيم بن أبي عبلة. والتوسيط: قطع الشئ نصفين. والتوسط من الناس: من الوساطة، ومرعى وسط أي خيار، قال:
إن لها فوارسا وفرطا، ونفرة الحي ومرعى وسطا ووسط الشئ وأوسطه: أعدله، ورجل وسط ووسيط: حسن من ذلك. وصار الماء وسيطة إذا غلب الطين على الماء، حكاه اللحياني عن أبي طيبة. ويقال أيضا: شئ وسط أي بين الجيد والردئ.
وفي التنزيل العزيز: وكذلك جعلناكم أمة وسطا، قال الزجاج: فيه قولان: قال بعضهم وسطا عدلا، وقال بعضهم خيارا، واللفظان مختلفان والمعنى واحد لأن العدل خير والخير عدل، وقيل في صفة النبي، صلى الله عليه وسلم: إنه كان من أوسط قومه أي خيارهم، تصف الفاضل النسب بأنه من أوسط قومه، وهذا يعرف حقيقته أهل اللغة لأن العرب تستعمل التمثيل كثيرا، فتمثل القبيلة بالوادي والقاع وما أشبهه، فخير الوادي وسطه، فيقال: هذا