تكون حصرت حالا إلا بإضمار قد. وقال الفراء في قوله تعالى: كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا، المعنى وقد كنتم أمواتا ولولا إضمار قد لم يجز مثله في الكلام، ألا ترى أن قوله عز وجل في سورة يوسف:
إن كان قميصه قد من دبر فكذبت، المعنى فقد كذبت. قال الأذري: وأما الحال في المضارع فهو سائغ دون قد ظاهرا أو مضمرا، قال ابن سيده:
فأما قوله:
إذا قيل: مهلا، قال حاضرة: قد فيكون جوابا كما قدمناه في بيت النابغة وكأن قد، والمعنى أي قد قطع ويجوز أن يكون معناه فدك أي حسبك لأنه قد فرغ بما أريد منه فلا معنى لردعك وزجرك، وتكون قد مع الأفعال الآتية بمنزلة ربما، قال الهذلي:
قد أترك القرن مصفرا أنامله، كأن أثوابه مجت بفرصاد قال ابن بري: البيت لعبيد بن الأبرص، وتكون قد مثل قط بمنزلة حسب، يقولون مالك عندي إلا هذا فقد أي فقط، حكاه يعقوب وزعم أنه يدل فتقول قدي وقدني، وأنشد:
إلى حمامتنا ونصفه فقد والقول في قدني كالقول في قطني، قال حميد الأرقط:
قدني من نصر الخبيبين قدي قال الجوهري: وأما قولهم قدك بمعنى حسبك فهو اسم، تقول قدي وقدني أيضا، بالنون على غير قياس لأن هذه النون إنما تزاد في الأفعال وقاية لما، مثل ضربني وشتمني، قال ابن برى: رهم الجوهري في قوله إن النون في قوله قدني زيدت على غير قياس وجعل نون الوقاية مخصوصة بالفعل لا غير، وليس كذلك وإنما تزاد وقاية لحركة أو سكون في فعل أو حرف كقولك في من وعن إذا أضفتهما إلى نفسك مني وعني فزدت نون الوقاية لتبقى نون من وعن على سكونها، وكذلك في قد وقط تقول قدني وقطني فتزيد نون الوقاية لتبقي الدال والطاء على سكونهما قال: وكذلك زادوها في ليت فقالوا ليتني لتبقي حركة التاء على حالها، وكذلك قالوا: في ضرب ضربني لتبقى حركة الباء على فتحتها، وكذلك قالوا في اضرب إضربني أيضا أدخلوا نون الوقاية عليه لتبقي الباء على سكونها، وأراد حميد بالخبيبين عبد الله بن الزبير وأخاه مصعبا، قال ابن بري: والشاهد في البيت أنه يقال قدني وقدي بمعنى، وأما الأصل قدي بغير نون، وقدني بالنون شاذ ألحقت النون فيه لضرورة الوزن، قال: فالأمر فيه بعكس ما قال وأن قدني هو الأصل وقدي حذفت النون منه للضرورة. وفي صفة جهنم، نعوذ بالله منها، فيقال: هل امتلأت؟
فتقول: هل من مزيد؟ حتى إذا أوعبوا فيها قالت قد قد أي حسبي حسبي، ويروي بالطاء يدل الدال وهو بمعناه، ومنه حديث التلبية: فيقول قد قد بمعنى حسب، وتكرارها لتأكيد الأمر، ويقول المتكلم: قي أي حسبي، والمخاطب: قدك أي حسبك. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أنه قال لأبي بكر، رضي الله عنه: قدك يا أبا بكر. قال:
وتكون قد بمنزلة ما فينفي بها، سمع بعض الفصحاء يقول:
قد كنت في خير فتعرفه وإن جعلت قد اسما شددته فتقول: كتبت قدا حسنة وكذلك كي وهو ولو لأن هذه الحروف لا دليل على ما نقص منها، فيجب أن يزاد في أواخرها ما هو من جنسها ويدغم، إلا في الألف فإنك