له، وصف كلامه واجتزأ بما في صدر حديثه من قولك سار عن ذكر السير، قال الأزهري: ومن ذلك قول العرب ضعه رويدا أي وضعا رويدا، ومن ذلك قول الرجل يعالج الشئ إنما يريد أن يقول علاجا رويدا، قال: فهذا على وجه الحال إلا أن يظهر الموصوف به فيكون على الحال وعلى غير الحال. قال: واعلم أن رويدا تلحقها الكاف وهي في موضع أفعل، وذلك قولك رويدك زيدا ورويدكم زيدا، فهذه الكاف التي ألحقت لتبيين المخاطب في رويدا، ولا موضع لها من الإعراب لأنها ليست باسم، ورويد غير مضاف إليها، وهو متعد إلى زيد لأنه اسم سمي به الفعل يعمل عمل الأفعال، وتفسير رويد مهلا، وتفسير رويدك أمهل، لأن الكاف إنما تدخله إذا كان بمعنى أفعل دون غيره، وإنما حركت الدال لالتقاء الساكنين فنصب نصب المصادر، وهو مصغر أرود يرود، وله أربعة أوجه: اسم للفعل وصفة وحال ومصدر، فالاسم نحو قولك رويد عمرا أي أرود عمرا بمعنى أمهله، والصفة نحو قولك ساروا سيرا رويدا، والحال نحو قولك سار القوم رويدا لما اتصل بالمعرفة صار حالا لها، والمصدر نحو قولك رويد عمرو بالإضافة، كقوله تعالى: فضرب الرقاب.
وفي حديث أنجشة: رويدك رفقا بالقوارير أي أمهل وتأن وارفق، وقال الأزهري عند قوله: فهذه الكاف التي ألحقت لتبيين المخاطب في رويدا، قال: وإنما ألحقت المخصوص لأن رويدا قد يقع للواحد والجمع والذكر والأنثى، فإنما أدخل الكاف حيث خيف التباس من يعنى ممن لا يعنى، وإنما حذفت في الأول استغناء بعلم المخاطب لأنه لا يعنى غيره. وقد يقال رويدا لمن لا يخاف أن يلتبس بمن سواه توكيدا، وهذا كقولك النجاءك والوحاك تكون هذه الكاف علما للمأمورين والمنهبين. قال وقال الليث: إذا أردت برويد الوعيد نصبتها بلا تنوين، وأنشد:
رويد تصاهل بالعراق جيادنا، كأنك بالضحاك قد قام نادبه قال ابن سيده، وقال بعض أهل اللغة: وقد يكون رويدا للوعيد، كقوله:
رويد بني شيبان، بعض وعيدكم تلاقوا غدا خيلي على سفوان فأضاف رويدا إلى بني شيبان ونصب بعض وعيدكم بإضمار فعل، وإنما قال رويد بني شيبان على أن بني شيبان في موضع مفعول، كقولك رويد زيد وكأنه أمر غيرهم بإمهالهم، فيكون بعض وعيدكم على تحويل الغيبة إلى الخطاب، ويجوز أن يكون بني شيبان منادى أي أملهوا بعض وعيدكم، ومعنى الأمر ههنا التأهير والتقليل منه، ومن رواه رويد بني شيبان بعض وعيدهم كان البدل لأن موضع بني شيبان نصب، على هذا يتجه إعراب البيت، قال: وأما معنى الوعيد فلا يلزم وإنما الوعيد فيه بحسب الحال لأنه يتوعدهم باللقاء ويتوعدونه بمثله. قال الأزهري: وإذا أردت برويد المهلة والإرواد في الشئ فانصب ونون، تقول: امش رويدا، قال: وتقول العرب أرود في معنى رويدا المنصوبة. قال ابن كيسان في باب رويدا: كأن رويدا من الأضداد، تقول رويدا إذا أرادوا دعه وخله، وإذا أرادوا ارفق به وأمسكه قالوا: رويدا زيدا أيضا، قال: وتيد زيدا بمعناها، قال: ويجوز إضافتها إلى زيد لأنهما مصدران كقوله تعالى: فضرب الرقاب. وفي حديث علي: إن لبني أمية مرودا يجرون إليه، هو مفعل من الإرواد الإمهال كأنه شبه المهلة التي هم فيها بالمضمار الذي