من الحيوان، والجدار لا يريد إرادة حقيقية لأن تهيؤه للسقوط قد ظهر كما تظهر أفعال المريدين، فوصف الجدار بالإرادة إذ كانت الصورتان واحدة، ومثل هذا كثير في اللغة والشعر، قال الراعي:
في مهمة قلقت به هاماتها، قلق الفؤوس إذا أردن نضولا وقال آخر:
يريد الرمح صدر أبي براء، ويعدل عن دماء بني عقيل وأردته بكل ريدة أي بكل نوع من أنواع الإرادة. وأراده على الشئ: كأداره.
والرود والرؤد: المهلة في الشئ. وقالوا: رؤيدا أي مهلا، قال ابن سيده: هذه حكاية أهل اللغة، وأما سيبويه فهو عنده اسم للفعل. وقالوا رويدا أي أمهله ولذلك لم يثن ولم يجمع ولم يؤنث.
وفلان يمشي على رود أي على مهل، قال الجموح الظفري:
تكاد لا تثلم البطحاء وطأتها، كأنها ثمل يمشي على رود وتصغيره رويد. أبو عبيد عن أصحابه: تكبير رويد رود وتقول منه أرود في السير إروادا ومرودا أي ارفق، وقال امرؤ القيس:
جواد المحصة والمرود وبفتح الميم أيضا مثل المخرج والمخرج، قال ابن بري: صواب إنشاده جواد، بالنصب، لأن صدره:
وأعددت للحرب وثابة والجواد هنا الفرس السريعة. والمحثة: من الحث، يقول إذا استحثثتها في السير أو رفقت بها أعطتك ما يرضيك من فعلها. وقولهم: الدهر أرود ذو غير أي يعمل عمله في سكون لا يشعر به. والإرواد: الإمهال، ولذلك قالوا رويدا بدلا من قولهم إروادا التي بمعنى أرود، فكأنه تصغير الترخيم بطرح جميع الزوائد، وهذا حكم هذا الضرب من التحقير، قال ابن سيده: وهذا مذهب سيبويه في رويد لأنه جعله بدلا من أرود، غير أن رويدا أقرب إلى إرواد منها إلى أرود لأنها اسم مثل إرواد، وذهب غير سيبويه إلى أن رويدا تصغير رود، وأنشد بيت الجموح الظفري:
كأنها ثمل يمشي على رود قال: وهذا خطأ لأن رودا لم يوضع موضع الفعل كما وضعت إرواد بدليل أرود. وقالوا: رويدك زيدا فلم يجعلوا للكاف موضعا، وإنما هي للخطاب ودليل ذلك قولهم: أرأيتك زيدا أبو من؟ والكاف لا موضع لها لأنك لو قلت أرأيت زيدا أبو من هو لا يستغني الكلام، قال سيبويه: وسمعنا من العرب من يقول: والله لو أردت الدراهم لأعطيتك رويد ما الشعر، يريد أرود الشعر كقول القائل لو أردت الدارهم لأعطينك فدع الشعر، قال الأزهري: فقد تبين أن رويد في موضع الفعل ومتصرفه يقول رويد زيدا، وإنما يقول أرود زيدا، وأنشد:
رويد عليا، جد ما ثدي أمهم إلينا، ولكن ودهم متماين قال: رواه ابن كيسان ولكن بعضهم متيامن وفسره أنه ذاهب إلى اليمن. قال: وهذا أحب إلي من متماين. قال ابن سيده: ومن العرب من يقول رويد زيد كقوله غدر الحي وضرب الرقاب، قال: وعلى هذا أجازوا رويدك نفسك زيدا. قال سيبويه: وقد يكون رويد صفة فيقولون ساروا سيرا رويدا، ويحذفون السير فيقولون ساروا رويدا يجعلونه حالا